الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

صناعة الخدمات المالية خامس أكبر مصدر للاحتباس الحراري

صناعة الخدمات المالية خامس أكبر مصدر للاحتباس الحراري
أظهرت دراسة أصدرتها «سييرا كلوب» (Sierra Club) و«مركز التقدم الأمريكي» (Center for American Progress)، أن 8 من أكبر مصارف الولايات المتحدة و10 من أكبر مديري أصولها مجتمعين بنحو 2 مليار طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، ما يقل بنسبة 1% تقريباً مما أنتجته روسيا.



وتعادل الانبعاثات التي تسببت فيها البنوك الثمانية التلوث الذي تحدثه 432 مليون سيارة لنقل الركاب نشطة لمدة عام، وهذا الرقم سيكون أكبر بكثير في حال تضمين بيانات المجال 3، الذي يمثل الانبعاثات الناتجة عن سلسلة التوريد والعملاء للشركة، وعوامل أخرى.

وتطالب الدراسة إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، باتخاذ إجراءات فورية لتقليص دور القطاع المالي في الاحتباس الحراري، خشية أن يتسبب ذلك في أزمة مالية تفوق أزمة عام 2008.



وفقاً لما أفاده التقرير، ستنتشر العواقب عبر النظام المالي، وستؤدي إلى آثار وخيمة على اقتصاد الولايات المتحدة، ما لم يتمكن البيت الأبيض من إتمام عملية الانتقال، بعيداً عن الوقود الأحفوري بطريقة منظمة.


ويشير التقرير إلى أن شركة التأمين «سويس ري» (Swiss Re) كتبت في مايو أن الاقتصاد العالمي يخاطر بفقدان أكثر من 18% من الناتج المحلي الإجمالي الحالي بحلول عام 2048، في حال عدم اتخاذ أي إجراء بشأن أزمة المناخ.

ويشير الباحثون إلى أن الأشخاص الأكثر تضرراً من جراء الانهيار الناجم عن أزمة المناخ، هم أقل المسببين له كالمجتمعات الملونة وذوي الدخل المنخفض كما هي الحال في أزمة 2008.

وذكر مدير الحملة المالية الخالية من الوقود الأحفوري التي يشنها «سييرا كلوب» بين كوشين، أن الاستثمارات الخاصة بـ«وول ستريت» في مجال الوقود الأحفوري تهدد مستقبل الكوكب واستقرار النظام المالي، وتعرض الجميع للخطر، ولا سيما المجتمعات الأشد ضعفاً، ولم يعد بوسع الجهات التنظيمية تجاهل الإسهام الهائل لـ«وول ستريت» في أزمة المناخ.

ووقّع الرئيس جو بايدن- الأسبوع الفائت- أمراً تنفيذياً يوجّه الحكومة الفيدرالية إلى تقليص الانبعاث الكربوني الكبير الذي تتسبب فيه، بهدف الوصول إلى معدل صفر من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في كل عملياتها بحلول عام 2050، والجدير بالذكر أن الرئيس بايدن يدعو الوكالات في الولايات المتحدة لإنفاق مليارات الدولارات على السيارات الكهربائية والطاقة النظيفة والمباني المطورة، للوصول إلى هذا الهدف، كما يتعين على الرئيس الأمريكي ملاحقة البنوك والشركات الاستثمارية أيضاً. وفقاً لمؤلفي التقرير الجديد المؤلف من 24 صفحة، بعنوان «فقاعة الكربون في وول ستريت»، إن الإفصاح هو خطوة أساسية في التخفيف من مخاطر السوق. ومع ذلك، فإن الإفصاح وحده لا يكفي، ويجب أن يقترن بالتنظيم الاحترازي.

ينص التقرير على أنه يجب على الجهات التنظيمية- بما في ذلك لجنة الأوراق المالية والبورصات ووزارة العمل- اتخاذ الخطوات التالية، للتخفيف من المخاطر المالية المتعلقة بالمناخ والتي يشكلها تعرض «وول ستريت» للصناعات ذات الانبعاثات الكربونية العالية كمطالبة جميع المؤسسات المالية بالكشف عن جميع تفاصيل مسببات الانبعاث المضمنة في محافظها المالية والتي تُنسب إلى الشركات التي تقدم الخدمات لها ودمج مخاطر المناخ في التقييمات الإشرافية التي تقدمها للبنوك، بالإضافة إلى التأكد من أن وكلاء الاستثمار يوفون بالتزاماتهم تجاه العملاء والشعب بما في ذلك الأمور المتعلقة بكيفية الاستثمار والتصويت لأسهمهم، ومن المهم أيضاً إدارة اختبارات الإجهاد المتعلقة بالمناخ لتحديد الخسائر المحتملة للبنوك من تغير المناخ، تقدر شركة «موديز إنفيستورز سيرفيس» (Moody’s Investors Service) عائدات البنوك على مستوى العالم من الصناعات التي تتسم بكثافة انبعاثات الكربون بحوالي 22 تريليون دولار. وخطوات أخرى مثل مطالبة البنوك بتمويل الاستثمارات ذات المخاطر العالية برأس مال أكبر ودين أقل، وفرض ضرائب إضافية للمخاطر المتعلقة بالمناخ على البنوك العالمية الممنهجة، إضافة إلى تعديل أقساط التأمين على الودائع لزيادة التفكير بالمخاطر المتعلقة بالمناخ ومعالجة استباقية لقضايا العدالة العرقية والاقتصادية التي تتقاطع مع مثل هذه الإصلاحات المتعلقة بالمخاطر المناخية.

تُعد البنوك: «جي بي مورغان» (JPMorgan Chase & Co) و«سيتي غروب» (Citigroup Inc) و«ويلز فارغو» (Wells Fargo) و«بنك أميركا» (Bank of America Corp) من أكبر مقدمي التمويل لصناعة الوقود الأحفوري، حيث موّلت البنوك الثمانية- حسبما ذُكر في التقرير- بما يقدر بنحو 668 مليون طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون (ما يعادل التلوث الصادر عن 145 مليون سيارة ركاب تسير لمدة عام) من خلال التعرض الائتماني البالغ 5.3 تريليون دولار الذي قُدِّر من قبل الباحثين. كما أدت أنشطة مديري الأصول العشرة إلى 1.3 مليار طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادل التلوث الصادر عن 287 مليون سيارة ركاب.

إن استمرار الانبعاثات غير المقيدة بدعم من الصناعة المالية يعني حرائق الغابات المميتة والجفاف وموجات الحرارة والأعاصير والفيضانات وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة التي ستزداد سوءاً، وستصعب وتزيد التكلفة على عمليات تخفيف الانبعاثات. ومن الغريب أن القطاع المالي معرض للخطر بنفس القدر من الانبعاثات التي يتسبب فيها، لأن الآثار المتتالية لكوكب تزداد حرارته يمكن أن تؤدي إلى خسائر فادحة في الأسواق الرأسمالية العالمية.

وأفاد أندريس فينيلي، نائب رئيس السياسة الاقتصادية في مركز التقدم الأمريكي، في التقرير أنه في حال لم يعالج هذا الأمر، فإن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى أزمة مالية أكبر من أي أزمة في الذاكرة الحية.