السبت - 04 مايو 2024
السبت - 04 مايو 2024

السياحة السوداء.. كوارث الماضي تجذب مرتادين وتنعش عائلات الضحايا

السياحة السوداء.. كوارث الماضي تجذب مرتادين وتنعش عائلات الضحايا

عندما نتحدث عن السياحة، فإن أول ما يتبادر إلى الأذهان المعالم السياحية حول العالم مثل الأهرامات في مصر، برج إيفل في باريس، تمثال الحرية في نيويورك، تاج محل في الهند، سور الصين العظيم وغيرها. ولكن هل سمعت عن سياح يتجهون لزيارة أماكن شهدت كوارث طبيعية أو أحداثاً دموية، فتلك ما يطلق عليها «السياحة السوداء». وأخذ هذا النوع من السياحة في الازدهار بالآونة الأخيرة.

أفادت شركة «غلوبال داتا» أن السياحة السوداء تشكل تحديات أخلاقية بالنسبة للسلطات. وأشارت الشركة الرائدة في البيانات والتحليلات إلى أنه يتعين على مديري مثل هذه المواقع توخي الحذر لتجنب تهميش الحدث الذي يتم استذكاره.

ويمكن أن تختلف وجهات السياحة السوداء ما بين مواقع الموت مثل القبور والأضرحة وبقايا الهياكل العظمية والمقابر، ومواقع القتل مثل مواقع الاغتيالات، والموت الجماعي، وساحات القتال، والإبادة الجماعية.

وقالت هنا فري، محللة السياحة والسفر لدى «غلوبال داتا»، إن الانبهار بمواقع الموت والدمار ليس ظاهرة جديدة أو غربية على وجه التحديد. ومع ذلك، أصبحت الزيارات السياحية إلى مواقع الموت والكوارث سمة منتشرة في المجتمع الحديث، ما جعلها وجهات للمسافرين.

وكشف أحدث تقرير صادر عن «غلوبال داتا» بعنوان «دراسة السياحة السوداء بما في ذلك الاتجاهات والمحفزات واستراتيجيات التسويق والفرص والتحديات» عن أن التداعيات الأخلاقية أحد التحديات الرئيسية الأربعة للسياحة السوداء، جنباً إلى جنب مع الحفاظ على الهدف الحقيقي من التجارب السياحية، فضلاً عن التساؤلات حول دمج التكنولوجيا.

إقرأ أيضاً: عطلة العيد.. فرصة استثنائية للسياحة والترفيه في الإمارات

وأضافت فري أن السياحة السوداء لديها القدرة على إحياء التاريخ ومنح الزائرين فرصة للتعلم من الماضي. ومع ذلك، فإن تسليع السياحة السوداء تعد أحد التبعات التي لا يمكن إنكارها، حيث تبيع محالات الهدايا سلعاً مثل الأكواب وسلاسل المفاتيح التي تعيد ذكريات هذه الكوارث. وترى فري أن هذا يشكل خطر التقليل من قيمة الهدف الحقيقي وراء تلك الوجهات والمواقع.

وأوضحت فري أنه ينبغي اتخاذ خطوات لضمان كون مثل هذه الجولات السياحية على قدر من المسؤولية وتعليمية. فعلى سبيل المثال، تستضيف ورشة عمل متحف جراوند زيرو 9/11 الطلاب وتنظم جولات تعليمية بشكل منتظم.

وأشارت «غلوبال داتا» في تقريرها إلى أن السلطات تتشاور مع السكان المحليين والناجين وعائلات الضحايا لمناقشة كيفية إدارة الأرباح.

وأضافت فري أن البرامج الثقافية والمجتمع المحلي والتعليم تعد جميعها مجالات يمكن أن تستفيد من أرباح مواقع السياحة السوداء.

وسلط تقرير لوكالة أنباء «بي بي سي» الضوء على أهم وجهات السياحة السوداء ومنها تشيرنوبيل في أوكرانيا. ففي عام 1986، انفجر المفاعل النووي في تشيرنوبيل لتغرق المدينة في إشعاع يزيد 400 مرة عن ذلك الذي أطلقته قنبلة هيروشيما. وتُشاهد في الموقع منازل مهجورة ابتلعتها الغابات ومدارس ودور حضانة تتناثر فيها اللعب ومكتبات وحديقة تركت مهجورة منذ الحادث.

وبومبي في إيطاليا، فعندما اندلع بركان فيزوف عام 79 ميلادية، دفنت مدينة بومبي الرومانية القديمة القريبة من نابولي تحت أمتار من الرماد البركاني. وقد حفظ الرماد الساخن معظم المدينة وجمد اللحظة التي كان يعيش فيها سكانها الذين دفنوا كما هم تحت الرماد مع حيواناتهم وغذائهم والرسوم التي يزينون بها جدران منازلهم. وصنفت ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي التي يجب المحافظة عليها. وتعد اليوم مقصداً سياحياً يتوافد عليه نحو 2.5 مليون زائر سنوياً.