الثلاثاء - 21 مايو 2024
الثلاثاء - 21 مايو 2024

إدارات الاحتراق الوظيفي!

كل شخص صاحب سُلطة يستخدم صلاحيته من موقع سلطته في أذى الآخرين، هو شخص متنمر، وغير سوي نفسياً، الأذى الذي يكون بدافع شخصي بحت، كالذي يحدث في بعض مواقع العمل، بأن «يتسلط» رئيسك في العمل عليك، لكونك لست على مزاجه، أو ربما لأنك تفهم أكثر منه، أو لأنك موظف متميز، وتحسباً في مطاولة ظلك لظله، يبدأ بتحجيمك، أو إقصائك، أوبتقزيم مجهودك، أوبتجميد ترقيتك الوظيفية، وهنا بداية الاحتراق والانطفاء وظيفياً ومعنوياً أيضاً!

لا يمكن وصف شعور موظف مغبون مقهور، ينهض من فراشه عنوة كل يوم، وكأنه ذاهب لمحاكمة، مثقلاً مسبقاً بحِمل يومه الوظيفي مع مدير مليء بعقده الخاصة، يقف في طريقه كالشوكة في البلعوم، ومع استمرار هذه المعاناة، يجد الموظف نفسه أمام خيارين، إما السكوت، وأن يحتسب على هذا الأذى لحين حدوث تغيير إداري «مفاجئ» يغير الوضع الإداري المحبط، أو أن يستقيل ويبحث عن شاغر وظيفي آخر وإن كان لا يتواءم مع خبرته أو تخصصه الأكاديمي، وفي كلا الحالتين ليس هناك ضمانات حقيقية بالاستقرار ويبقى الرهان على مفارقات القدر والوقت!

التنمر ظاهرة سلوكية غير حضارية مقلقة بدأت تشيع بين طلاب المدارس أيضاً، كأن يتسلط طالب أو مجموعة من نفس فصيلته في السلوك والعدوانية وفي التدني الدراسي بالتسلط على طالب ضعيف أو متميز دراسياً والتعرض له بالأذى الجسدي، أو اللفظي، أو المعنوي، كالحادثة المؤسفة الأخيرة التي حدثت في الكويت، بسبب تنمر طالبات على زميلتهن ومعايرتها بأمها الآسيوية، والذي دفع بها إلى الانتحار!


التنمر الوظيفي، من أسوأ أشكال التنمر على الإطلاق، وقد يفوق التنمر الأسري الذي يحصل بين الأزواج غير المتكافئين أوالعوائل المفككة من تسلط الذكور غير الأسوياء على من يقعون تحت مظلتهم، من مصادرة حقوق، وتقييد حريات، وعنف جسدي، ولفظي، ومعنوي مستمر.. إلخ، فالتنمر الوظيفي يبقى الأقسى لكونه متصلاً بقطع الرزق وبتعطيل الترقّي الوظيفي بصورة مباشرة، وهي معاناة قد تطول لسنوات وقد تدفع بالمتضرر للاستقالة وتحمل تبعات مرحلة كان مرغماً عليها!


الإدارات المتميزة هدفها الأول هو التطوير الوظيفي دائماً الذي سينعكس على الآداء العام للمؤسسة، وتؤمن بأن التطوير لا يتحقق إلا بكوادر متميزة تلتقي في طموحها ورؤاها مع الإدارة المباشرة لها، ولا تتردد في منح الاستحقاقات والامتيازات التي تليق بمجهود كل موظف مجتهد، وتحرص على خلق بيئة عمل صالحة للإنتاجية، ولا تحوّلها لمقاصل إعدام وظيفي غير مُعلنة!