الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

قبل أن ينقرض التُراث

في رحلة ذهابنا إلى الـ50 عاماً القادمة، رمينا خلفنا أموراً كثيرة، باعتبارها من آثار الماضي، ويجب التعامل مع مبادئ جديدة واحترامها، فالعمل الحكومي كمثال، يُعد خدمة للوطن أولاً وباباً للرزق ثانياً، وهذا ما يجب أن يعلمه الجميع.. فالوظيفة ليست إعانة اجتماعية ولا مساعدة من جمعية خيرية، بل هي واجب وطني.

علموا تلك المبادئ للمديرين والموظفين (الجدد)، فمهمتهم التسهيل على المواطن والمقيم، لا التعالي والتنفير من الوزارة أو الدائرة ورمي الأعذار على القوانين والتوجيهات، خاصّة أن مسؤولي الأمس انقرضوا لِكثرة الشكاوى على برامج البث المباشر.

ووجب العلم أن تأصيل التراث والأدب، يبدأ مع الطفل من خلال الحكايات والألعاب الشعبية والأهازيج، التي تعيدهم إلى ماضي أجدادهم، والتي اختفت من نشاطات أبنائنا في البيت والفرجان والمدارس. لذا نقول إن الدور الذي كانت تقوم به المؤسسات والجمعيات التراثية له أهمية كبيرة، من أجل إحياء التراث والعادات الشعبية في روح الأجيال الحديثة، ولكن أين هذه المؤسسات وأين نشاطها؟ لدينا ما يقرب من ثمانٍ وعشرين جمعية موزعة على إمارات الدولة، ولكنها تتقلّص في الفترة الحالية، والسؤال لماذا؟


قد لا يدرك البعض، نتيجة انشغالنا بالمستقبل، كمّ المخاطر التي تصيب المجتمعات نتيجة خروج أبنائنا عن طوع العادات والتقاليد، وفرض واقع جديد يقوم على سيطرة التحرر غير المنضبط بدافع التمدن والتمرد.


ومن تجليّات هذا «الانسلاخ» ارتداء بعض الملابس، أو القيام بأفعال تتنافى مع أخلاقيات ومبادئ المجتمعات ونشرها على «السوشيال ميديا»، وصولاً إلى استخدام لغة عربية محرّفة وممزوجة بالإنجليزية تسمى بـ«العربي إيزي»، لتصبح اللغة البديلة.

وللأسف، البعض يدفعون باتجاه غياب التراث والعادات من حركة الثقافة المعاصرة، والتربية المدرسية، وتعريض أبناءنا لأزمات نفسية وفكرية إضافة إلى أزمة الهوية، فأصبح التراث الفني مثل اليولة والحربية (مجرد تكسير رقبة) ولا يُشبه التراث الذي نشأنا عليه.

كما أصبحت الملابس التراثية منسية عند البعض، لذلك يجب أن يستوعبوا أن الحياة آداباً في التعامل مع الآخرين وفي طلب العلم حتى في الطعام والملبس، وللأسف فقد «العيب» مفهومه، بل بات فلسفة عصرية، ولا تقف عند حدود الوقاحة، بل تذهب إلى تبرير ذلك وجعله الطبيعي، وهذه الرسالة إلى من يهمهم الأمر قبل انقراض ثقافتنا وتراثنا.