الجمعة - 03 مايو 2024
الجمعة - 03 مايو 2024

النفط.. قصة تروى وأحداث تعاش



قصة النفط في عصرنا الحديث من أهم وأروع القصص التي غيرت أوجه مجتمعات سكان الأرض من الناحية العلمية والعملية.

البداية كانت في عام 1859 على أطراف مدينة تيتوسفيل الصغيرة في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، حين نجح إدوين دريك في حفر أول بئر للذهب الأسود في العالم.


توالت الاكتشافات بعدها حتى شملت الإمبراطورية الروسية حول مدينة باكو على ضفاف بحر قزوين، وإمبراطورية النمسا والمجر في إقليم غاليسيا، إلا أن بنسلفانيا كانت «أرامكو» ذلك الزمان، حيث كانت المزود الأهم لمختلف دول العالم.


وكان السوق الرئيسي للنفط وللأربعين سنة الأولى هو «الإنارة»، إذ تم استخدامه في المصابيح تلك الأيام بدلاً من زيت الحيتان.

بدأ النفط يغزو أسواق العالم وأصبح شخص جون روكفلر من أغنى أغنياء المعمورة بفضل تجارته الرائجة في الإضاءة الجديدة، ثم تعاظم مستهلك آخر للنفط في الظهور ألا وهو السيارات، وتجاوز الإنارة بمراحل عديدة وزاد من عطش العالم للنفط.

وفي عام 1914 اندلعت الحرب العالمية الأولى في أوروبا، وسرعان ما تحولت إلى حرب خنادق طويلة لا غالب فيها ولا مغلوب، ولكسر الجمود بدأت الدول المتحاربة في التحول إلى العربات الميكانيكية والطائرات لإحداث خرق ما في جبهات القتال. وفي عام 1916 كان الظهور الأول للدبابة في عالم الحرب. كل ذلك زاد من الطلب على النفط وجعله سلعة لا يمكن الاستغناء عنها، بل أمسى لاعباً مهماً على الساحة الدولية بإمكانه تغيير الكثير من المعادلات السائدة.

الثقل الاستراتيجي للنفط انتقل إلى «الشرق الأوسط» بنهاية الحرب العالمية الأولى.. وأصبحت اللاعب الأساسي إلى يومنا الحاضر

لن نجد وصفاً أبلغ لتك الحالة من وصف اللورد كرزون وزير الخارجية البريطاني حين قال بعد الانتصار: «إن قضية الحلفاء أبحرت للنصر على موجة من النفط». ومع انتهاء الحرب ازداد الاستهلاك العالمي للنفط إلى 5 أضعاف مع ظهور محركات الاحتراق الداخلي، وبدأ القلق ينتاب الشركات المنتجة من نضوب هذا السائل العجيب. ورفعت صوتها محذرة من توقف الإنتاج إذا لم يتم البحث عن مصادر جديدة. فتوجهت أنظار الحلفاء إلى تركة الإمبراطورية العثمانية المهزومة. وظهرت إلى الوجود دول وخرائط جديدة ربما لم تراعِ التركيبة الإثنية والعرقية لتلك المناطق.

الهدف كان تمكين شركات الإنتاج من الحصول على امتيازات طويلة الأمد للتنقيب عن حقول جديدة للنفط، وكانت الاكتشافات المذهلة وكأن المنطقة عائمة على بحور من البترول. فانتقل الثقل الاستراتيجي للنفط إلى منطقة الخليج والشرق الأوسط. وأصبحت هذه الدول هي اللاعب الأساسي في تلك السوق إلى يومنا الحاضر.