الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

الركود الاقتصادي.. هل يبدأ من الصين؟

أعلنت الصين أنها تستهدف نمواً في اقتصادها لعام 2022 بنسبة 5.5%، ما يمثل أقل نسبة نمو مستهدفة منذ عام 1991. علماً بأن الاقتصاد الصيني كان الاقتصاد الرئيسي الوحيد الذي لم ينكمش في السنة الأولى لجائحة كورونا، حيث حقق نمواً بسنة 2.3% تبعها بنسبة مرتفعة في 2021 بلغت 8.1%.

يواجه الاقتصاد الصيني صعوبات ناتجة عن الإجراءات الخاصة بالتعامل مع كورونا مثل عدم السماح باستقبال المسافرين للعمل أو السياحة بسهولة إضافة إلى اتباع سياسة «صفر إصابات»، حيث حصلت إغلاقات شاملة في كثير من المناطق التي شهدت تفشي الفيروس، ما أدى إلى الإخلال بكثير من المتطلبات الصناعة والأعمال والتأثير على سلاسل الإمداد وارتفاع الأسعار، ولا يبدو أن هناك نية للتعايش مع الفيروس مثلما فعلت معظم دول الغرب.

أي تصعيد في التوترات بين الصين والولايات المتحدة، سيعني المزيد من التراجع الاقتصادي صينياً وعالمياً

لكن الصعوبات الاقتصادية في الصين لا تقتصر على ذلك، فمنذ عدة سنوات والعوامل المحلية تشير إلى وجود تحديات متزايدة للمحافظة على معدلات النمو المرتفعة. فالحكومة وضعت سابقاً خططاً لإصلاحات في القطاع العقاري الذي تضخم لدرجة إفلاس بعض الشركات وارتفاع مستوى الديون إلى مستويات مقلقة، إضافة إلى الخطط المستمرة لزيادة حجم الاستهلاك المحلي. ومع ارتفاع أسعار منتجات الطاقة والمواد الأولية في العالم، زادت الضغوط بشكل كبير ما جعل الحكومات المحلية تواجه مشاكل في السيولة، فاضطر بعضها إلى إجراءات تقشف شملت الاستغناء عن موظفين وتقليل المصاريف.

اليوم مع الأزمة الروسية - الأوكرانية، قد تتغير الحسابات الاقتصادية الصينية بشكل كبير وهو ما سيؤثر على مجمل الاقتصاد العالمي بكل تأكيد، فمن شأن استمرار ارتفاع أسعار الطاقة وشح المواد الأولية أو تأخر توفرها، أن يرفع كلفة الإنتاج بشكل متواصل، ومع ارتفاع التضخم في أمريكا وأوروبا (أسواق التصدير الرئيسية للصين)، وقيام البنوك المركزية هناك برفع الفائدة، فإن هذا من الممكن أن يخفض طلبات الشراء وبالتالي معاناة الصادرات الصينية. إضافة إلى ذلك، فإن أي تصعيد في التوترات بين الصين والولايات المتحدة سواء بسبب العلاقات التجارية أو بسبب موضوع تايوان، الذي يشهد استفزازات متبادلة مؤخرا، سيعني المزيد من التراجع الاقتصادي صينياً وعالمياً.

كنت قد كتبت في الموضوع منذ أسابيع محذراً من أن تصاعد التوترات السياسية سيضعف الاقتصاد الصيني، ما يشكل مخاطر للاقتصاد العالمي قد تصل إلى الركود، ومن وقتها، والتوترات تتزايد والمخاطر ترتفع، ولا يبدو في الأفق أن هناك نية للتعاون وتخفيف التوترات. فهل يبدأ الركود الاقتصادي من الصين؟