السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

روسيا وأوكرانيا.. تاريخ وطاقة

تعتبر العلاقات الروسية - الأوكرانية، بالرغم من الروابط التاريخية الوثيقة بينهما، من أكثر العلاقات اضطراباً في وقتنا الحاضر، فكييف العاصمة الحالية كانت هي مهد الدولة الروسية، وأوكرانيا كانت جزءاً من الإمبراطورية الروسية منذ العام 1654، وخلال الحقبة السوفيتية كانت اللغة الروسية هي اللغة اليومية لسكان أوكرانيا.

بعد أن نالت أوكرانيا استقلالها في العام 1991، بدا واضحاً الانقسام العرقي الذي يسيطر على المناخ السياسي في البلاد، فالأقلية الروسية في المناطق الشرقية تتطلع لصلات أوثق مع السلطة الحاكمة في موسكو، بينما أغلبية السكان تتوق إلى نمط الحياة الغربي والابتعاد عما يذكرهم بفترة الحكم الشيوعي.

تعتمد أوكرانيا كلياً على الغاز الروسي في تسيير عجلة اقتصادها، وبحكم موقعها الجغرافي، فإن 80% من الغاز الروسي المتجه إلى أوروبا يمر عبر أراضيها، وكثيراً ما كان ملف الطاقة يشكل معضلة في العلاقة بين الدولتين، فكييف كانت تطالب بمعاملة خاصة فيما يتعلق بسعر الغاز الذي تشتريه من روسيا، وبعد مفاوضات شاقة وافقت روسيا على منح أوكرانيا سعراً مخفضاً مقارنة بما تدفعه الدول الأوروبية، ثم جاء انتصار الثورة البرتقالية في الانتخابات الرئاسية الأوكرانية عامَي «2004 – 2005» ليزيد من تأزم العلاقة بين الجارين اللدودين، ووصل إلى سدة الحكم فيكتور يوشينكو المقرب من الغرب والذي اتُهِمت موسكو بمحاولة اغتياله خلال حملته الانتخابية.

في رأس سنة شديد البرودة في 2006، بدأت مؤشرات الغاز بالانخفاض عند الحدود الأوكرانية لتتوقف غازبروم عن الضخ..

حاول يوشينكو ابتزاز روسيا عبر محاولة بسط سيطرته على شبكة أنابيب الغاز الروسية المارة على أراضيه، إذ تخلف عن سداد مليارات الدولارات المستحقة لشركة غازبروم الروسية.

وفي يوم رأس سنة شديد البرودة من العام 2006، بدأت مؤشرات الضغط بالانخفاض فجأة عند الحدود معلنة توقف غازبروم عن إمداد أوكرانيا بالغاز، ومحذرة في الوقت نفسه من التعدي على شحنات الغاز المتجهة لأوروبا، إلا أن ذلك ما أقدمت أوكرانيا على فعله بالضبط، وبدأت القارة العجوز ترتجف بسبب نقص إمدادات الغاز في عز الشتاء القارص، ومع أن الأزمة استمرت لأيام معدودة فقط، فإن انعكاساتها بدت خطيرة على الجانب الأوروبي، وبدأ الحديث وبقوة عن تقليل الاعتماد على الغاز الروسي، والبحث عن مصادر بديلة بعيدة عن خط موسكو وكييف الملتهب.

موسكو حاولت تبديد مخاوف زبائنها الأوربيين وطمأنتهم بعدم توقف شريان الغاز القادم إليهم، ومحذرة في الوقت ذاته من التمادي في التقارب مع أوكرانيا واستكمال عضويتها في الاتحاد الأوربي وحلف الناتو، ولن نجد أفصح عن الرئيس التنفيذي لغازبروم إليكسي ميلر حين وجه خطابه للأوروبيين قائلاً: «تجاوزوا مخاوفكم من روسيا، أو واجهوا نفاد الغاز».