الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فجر جديد.. بعد خراب مالطا

ما يحدث في لبنان، يعيد إلى الذهن أحداث الربيع العربي، من تونس إلى مصر مروراً بليبيا وصولاً إلى سوريا واليمن، وغيرها من البلدان التي عرفت أشكالاً مختلفة من الاحتجاجات منذ 2011.

خطاب رئيس وزراء لبنان سعد الحريري يعيد للذاكرة خطابات الربع الساعة الأخيرة من حياة زين العابدين بن علي، وحسني مبارك والقذافي وصالح وبوتفليقة وغيرهم.

إن الاحتجاجات في معظم البلدان العربية، تبين بوضوح أن الشجرة قد نخرها السوس من الداخل.. آيلة للسقوط، وأن الشعوب لم يعد لديها ما تخسر، فانفجرت سعياً للتغيير.


أما الحكام، فلم يستيقظوا إلا «بعد خراب مالطا» كما يقول المثل، حينها خاطبوا الشعوب بنفس العبارة التي خاطب بها شارل دوغول الجزائريين عام 1958: «لقد فهمتكم..»، وقرر إحداث إصلاحات تعرف باسم مشروع قسنطينة، لكن النتيجة كانت أن زادت حدة الثورة وانتزع الجزائريون استقلالهم وسيادتهم.


قال الحريري ما قاله ديغول، وما قاله رؤساء دول الربيع العربي: «لقد فهمناكم.. إنكم تريدون التغيير، وتريدون محاربة الفساد، وتريدون الحياة الحرة، وتريدون العيش في كرامة..» ثم تُتخذ قرارات عاجلة، مثل تخفيض رواتب الوزراء والنواب وكبار المسؤولين الذين كانوا سبباً في خراب مالطا، وهي في حقيقتها قرارات إهانة للحكومات، التي تعتقد أن «الشعب ثار لأنه جاع فقط».

إن الشعوب، لم يعد بمقدورها أن تستمع.. والحكومات ليس لديها حلول سحرية على طريقة أفلام هوليود أو بوليود، واحتجاجات لبنان كغيرها من احتجاجات الوطن العربي، تقول إن الشعوب تريد نمطاً آخر من تسيير الشأن العام، فالحكومات المختلفة أبانت عن عدة أشياء خطيرة في ممارسة الحكم، فهي لا تعرف شعوبها، لذلك عادة ما تُفاجأ بردة فعلها، وناقصة الشرعية، لأنها عادة ما تصل إلى الحكم عن طريق انتخابات مزورة، وولاؤها للخارج، وتضع نفسها تحت حمايته، ولا تفقه من الحكم إلا اسمه!، لذلك تعيش معظمها على الدعم الخارجي، ولا تقوم بالاستشراف أو التخطيط.

إن عموم الدول العربية تعاني من «أزمة نظام الحكم»، حيث يخيم الغموض في كيفية الوصول إلى السلطة والبقاء فيها، وتسود فيها سياسة فرق بين مكونات الشعب تسد مثلما كان في عهد الاستعمار.

لكن الشعوب تثقفت وتكونت وازداد وعيها، وشاهدتْ شعوباً أقل منها من حيث الحضارة والإمكانيات لكنها تعيش كرامة، فبعد الخراب سيبزغ فجر جديد بالضرورة مهما كانت التكاليف!.