الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لبنان تلفظ أحزابها

لبنان فيروز وجبران خليل جبران، ولبنان مناقيش الجبن والزعتر.. لبنان الفرح والبحر والجبل والسهل التي اشتقنا إليها، لأننا منذ زمن غائبون عنها لا رغبة منا إنما رفضاً لجلادها وسجانها وسياسييها الذين قطعوا أوصالها، وعاثوا بعلاقاتها مع حلفائها القدامى والمخلصين الذين خاب ظنهم بهذه التيارات، التي تتقاذف لبنان أمواجها العاتية في جحيم الحضن الإيراني الذي فرضه حزب الله كإسفين في الداخل اللبناني.

لقد انتفض شعب لبنان في مظاهرات غير مسبوقة ضد الفساد والأحزاب والفرقاء السياسيين، وممثلي الطوائف والمذاهب والموالين للخارج، مظاهرات قال عنها الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية في دولة الإمارات في تغريدة: «المظاهرات التي يشهدها أكثر من بلد عربي هي استغاثة إنقاذ لعودة الدولة الوطنية القوية والعادلة»، ما يحدث في لبنان صرخة ضد الطائفية وضد الانتماءات الحزبية والتي تتدثر بالدين، وهو أيضاً طلب العودة إلى الهوية الوطنية الجامعة، كما هو دعوة بأن يكون الفيصل أداء ينشد صالح المواطن، فاللبنانيون لا يريدون سوى العيش الكريم، وقد طالبوا في ساحات تظاهرهم برحيل كل السياسيين بمن فيهم رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين، وإشراك الشباب المعطل عن المشاركة أمام هوامير السياسة.

الملاحظ أن العلم اللبناني كان هو الراية الوحيدة التي حملها المتظاهرون في تعبير عن إصرارهم على الوحدة الوطنية، والتي واجهت الأعلام الصفراء التي حملها رجال نصرالله على الدراجات النارية الاثنين الماضي في رسالة تخويف للمتظاهرين اللبنانيين، وكذلك رداً على تصريحات سمير جعجع التي كانت رنانة وغير مجدية.


لقد أبهرت التظاهرات اللبنانية العالم، إذ كسر الشعب اللبناني القيود ورفض وقف المظاهرات، ولم يستجب للورقة الاقتصادية التي طرحها رئيس الوزراء سعد الحريري لأنهم ليس لهم ثقة في الإصلاحات، ولا في منظومة الحكم الحالية.


مشكلة لبنان الحقيقية في وجود حكومتين للبلد، الحكومة الشرعية المعطلة، وحكومة حزب الله الموالية لإيران، والتي تجدد ولاءها للفرس بين وقت وآخر بشكل علني، لذلك عمل المتظاهرون من أجل إعادة الهوية اللبنانية لمكانها الصحيح، بعيداً عن أي قيد طائفي وانتفضوا انتفاضة العدالة، مطالبين بحكومة مستقلة ليست تابعة لأي حزب.. لقد كانت دبكتهم هدارة، وبين صراخ التظاهرات وحدّة المطالب كانت أغانيهم ومواويلهم رسائل حب ونصر.