الاحد - 19 مايو 2024
الاحد - 19 مايو 2024

السودان أغوار الانتماء

إنَّ الانتماء هو مفهومٌ يجبُ علينا السباحةُ في سِبْرِ أغواره لمعرفة مرتكزاتهِ، كونه يقوم على مفهوم الاقتناع والإدراك المعنوي والمكاني والوجداني، وكلُّ هذه المفاهيم تشكلُ لنا خيطاً ناظِماً لمعرفة مَاهِيَّته.

السودانيون على مر العصور لم يعطوا هذا المفهوم حَقَّهُ، ولم يهتموا به أتَمَّ الاهتمام بما يحمل في طياته من أشياء عديدة ظهرت كإشكاليات.

بعد تراكمات تاريخية جعلت من مفهوم الانتماء للسودانوية إشكالية مزمنة متزامنة، وأزمة ممتدة بسبب الانتماء إلى أصول خارج نطاق حدود الدولة السودانية، الأمر الذي يثير النعرات، من هنا ينبغي العمل على نشر وتعزيز ثقافة الانتماء للوطن فعلياً وليس خطابياً، في جميع المجتمعات السودانية، وإحلال الأمن والسلام والاستقرار بين الشعب السوداني كافة واعتماد لغة الحوار والتفاهم.


وهنا نجد أن السودانيين مدعوون للاعتراف بالعلاقة المتوازنة التي تحفظ عناصر عدة، أهمها: اعتداد الكل بالكل والاستقلال والتكامل، عبر صور الانتماء الوطني كافة فلا يلغي العام فيها الخاص ولا يتنكر له، بمعنى أن الانتماء الإنساني ورابطة الأخوة، لا يتعارضان مع الانتماء الوطني والقومي للشعب والأمة.


في هذا السياق وبالرجوع إلى التاريخ السوداني القديم، نجد أن الوعي الذي يمثل الخلاصة في الإنجاز الثقافي والعلمي لم يلعب دوراً مهماً في صنع الحضارة في السودان، والتي تقوم على ثلاث مرتكزات مهمة مرتبطة بثلاثية الإنسان والمكان والسلام مع الانتماء للعالمية حيث لا علاقة لها بالعولمة أو العلمية أو العالمية.

وإنما تعد العلمنة في إطارها المحلي عبارة عن مصطلح منحوت لخدمة غرض محدد، إذ إنه كلما اتسعت مساحة العلم في تلبية الحاجات الإنسانية اقتربنا من التنوير الذي ينشده الشعب السوداني بشدة، بعد استتباب السلام ولأن السلام هو الحرية، والأخير من العوامل الأساسية التي تحقق الاستقرار للبلدان والتطور والاستنارة والديموقراطية. معظم السودانيين يملكون فهماً محدوداً للطريقة التي تخلق بها السلطة في السودان، ويعاد بها إنتاجها وممارستها مرة أخرى، الآن وقد تغير الزمن في عصر العولمة هذا، أصبح من الضروري إعادة إدخال مفهومي (الفضاء)، و(الزمان) مجدداً إلى رؤانا السياسيَّة.

ليس السودان ضحيَّة ماضيه، بل سياسة التوريث النخبوي، والإثنيَّة وما إلى ذلك، والتي هي ظواهر سادت، لكنها لم تستجب للتحولات الحديثة في تكوين السياسات الدوليَّة، لذا فنحن بحاجة إلى ربط المعطيات المحليَّة المحددة بنيوياً مع التحولات الوطنيَّة والعالميَّة.