السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

تركيا.. والصراع الأمريكي الروسي في سوريا

سارعت روسيا إلى توقيع اتفاقية مع تركيا حول انتشار قواتها شمال سوريا، وأعلنت تركيا بعد لقاء أردوغان وبوتين في سوتشي أن روسيا تعهدت بإخلاء قوات قسد من الشريط الحدودي شمال سوريا وبعمق 30 كم. الاتفاقية التركية الروسية جاءت بعد أيام من توقيع اتفاقية مماثلة بين أردوغان وبنس نائب الرئيس الأمريكي بأنقرة، والفارق المعلن بينهما أن الاتفاق مع أمريكا اشترط انسحاب قسد خلال 120 ساعة، بينما الاتفاق مع الروس اشترط الانسحاب خلال 150 ساعة، كما وافقت تركيا على استثناء القامشلي.

بينما الفارق الحقيقي هو استثناء الاتفاق التركي الأمريكي لدور نظام الأسد، وكانت نقطة الاختلاف هي مستقبل قسد، ولما توصلت قسد إلى أن أمريكا تتخلى عنهم ولو في شمال سوريا، فقد سارعت إلى روسيا لضمان اتفاقها مع نظام الأسد، ولما لبت روسيا دعوة قسد سارعت تركيا إلى إبرام اتفاقها مع روسيا قبل قسد، وفضلت روسيا أن تستفيد من اتفاقها مع تركيا لإدخال نظام الأسد في الاتفاقية، توصف بأنها اتفاقية متطورة عن اتفاقية أضنة بين تركيا وسوريا الموقعة عام 1998، والتي منحت الحكومة التركية في حينها ملاحقة الإرهابيين داخل الأراضي السورية بعمق 5 كم، والهدف الروسي من ذلك التوصل إلى اتفاقية بين تركيا والنظام السوري على حماية حدودهما وفق اتفاقية دولية، وتثبيت النظام السوري أمام مفاوضات اللجنة الدستورية المقبلة.

لقد أعلنت روسيا منذ مدة أنها تسعى لتجديد اتفاق أضنة الموقع بين تركيا وسوريا عام 1998، وفق الظروف الراهنة، واتفاقية أضنة لا تحقق المطالب التركية بعد أن سعت أمريكا لبناء قوة قسد سياسياً وعسكرياً، وهو ما يتعارض مع المصالح التركية وبنفس القدر يتعارض مع المصالح الروسية، وتركيا تدرك أن القوة الروسية العسكرية في سوريا وتقاربها مع النظام السوري ومع قوات قسد هي قوة ضامنة لتركيا أكثر من أمريكا، وأن روسيا مطالبة إذا أرادت منع إقامة كيان كردي شمال سوريا فلا بد أن تضع يدها بيد تركيا ولو بالاتفاق مع نظام بشار الأسد، وقد تم استبعاد إيران من اتفاق أردوغان وبوتين الأخير حتى لا يتعرض الاتفاق إلى معارضة أمريكية ولا أوروبية ولا إسرائيلية.


الاتفاق مع روسيا أكثر ضمانة لتركيا لوجستياً من أمريكا، بحكم التناقضات الأمريكية حول تواجد جيشها في سوريا أولاً، واهتمام ترامب بالنفط السوري أكثر من اهتمامه بأمن تركيا، وأكثر من اهتمامه بقسد، وهذا ما دفع بعض الدول الأوروبية إلى التدخل لتعديل الموقف الأمريكي، فتوقيع تركيا لاتفاقيتين معهما دليل على تناقض وتباعد الموقفين الأمريكي والروسي في سوريا.