الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

خيوط من كرة الصوف اللبنانية

مثل كثيرين غيري، أحاول لملمة خيوط النسيج اللبناني المعقد، في محاولة لفهمه كاملا، طبعا أنتهي مثل قط يلهو بكرة صوف ويضيع بين خيوطها.

ولأن القراءات حول الوضع هناك كثرت وتعددت ولم تكف، فكان لا بد من حوارات أكثر مع لبنانيين، فخلصت إلى الآتي: أولا ــ الغضب اللبناني ليس مقصورا على حزب الله وسلاحه وحسب، بل على أن حزب الله وسيده هم شركاء في مأساة اللبنانيين الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

ثانياـــ الجنرال ميشيل عون، رجل كبير السّن جدا، واللبنانيون منحوه مساحة الاحترام الكافية إلى أن صار الجنرال شبحاّ وأصبحت لسلطة تتركز أكثر في تياره الحاكم بيد صهره جبران باسيل، واللبنانيون (حتى في التيار الوطني) ينفرون من باسيل، لأن شبهات الفساد حوله كثيرة.


ثالثا ــ الصهر الآخر للرئيس، شامل كوروز يثبت فكرة الاستبداد والسلطة في عائلة الرئيس، وبغياب الوريث الواضح (الإبن الذكر) في عائلة الرئيس يصبح التنافس إلى درجة كسر عظم بين الصهرين لاختطاف التيار والثورة والسلطة معا.


رابعا ـــ لبنان في هندسته المالية التي قادها حاكم مصرف لبنان، انتهى بمنظومة سرقة بإشراف الدولة نفسها، وهي هندسة مالية معقدة وخبيثة، جعلت نخبة الحكم شركاء اقتصاديا وفرقاء سياسيا.

خامسا ــ السلطة (كل النخبة الحاكمة) تراهن على تعب الناس، وهذا رهان خاس، غير أن الرعب يكمن في أي «حادث» يشعل عنفا مسلحا.

سادسا ــ المقهورون في الشارع (وهم الغالبية العظمى من الشعب اللبناني) واعون، ومدركون لمطالبهم، ولديهم خطط إحتياط لحماية ثورتهم من السلطة، كما لديهم تصور لما بعد رحيل النظام الحكم.

سابعا ــ من استراتيجيات الثورة اللبنانية على الفساد عامة، وعلى النخبة الحاكمة الفاسدة خاصة، كما قال لي صديق لبناني ناشط: أن القاعدة هي: ( كل مين ما خبط، يعطيه العافية)، وهي دعوة مفتوحة للجميع للالتحاق بالثورة بمجرد أن تنتقد السلطة الفاسدة التي قام اللبنانيون عليها.

ثامنا ــ تصور اللبنانيين في الشارع (وهم غالبية الشعب)، لما بعد رحيل السلطة يقوم على حكومة إنقاذ وطني بمهمتين: قانون انتخاب جديد (وأي قانون مهما كان هو جيد لأنه سينهي السلطة الحالية كلها)، وانتخابات نيابية عامة في كل لبنان.

باختصار، اللبنانيون يعملون بمثابرة على إعادة إنتاج الدولة، وهم على أعتاب مئوية ذكرى دولة لبنان الكبير العام المقبل.