الثلاثاء - 30 أبريل 2024
الثلاثاء - 30 أبريل 2024

عراقية الأطراف.. لحظُ شامية

علاقة الجمال، جمال الإنسان والمكان، بالثورات تُرى في أثر الأولين بصيرة، وتُشاهد في فعل الحاضرين بصراً، وتُقرأ بحضور المستقبل تاريخاً، ولا تخلو أي دعوة للتغيير من أثر لها على مستوى العلاقات العاطفية والجسدية بين البشر، حتى لو كانت دعوة دينية، بل إنها في هذه الأخيرة تظهر تجليات لذلك الفعل الإنساني قبولاً أو تحايلاً أو حتى رفضاً للمعاني السامية للعقيدة، وهذا يقودنا إلى قراءة الاحتجاجات في الدول العربية اليوم خاصة في تلك الممتدة عبر حدود الجغرافيا وفوقها بين العراق وسوريا ولبنان، حيث العدو المشعل لنيران الفتنة داخلها واحد، والجمال يقيم هناك ولن يرحل إنساناً وحضارة.. لقد جفّ دعمي وبلغ حزني مداه فغدوت مثل كثيرين من أبناء أمتي كظيماً، على خلفية العجز المتراكم في دوائره الثلاث، الفردية، والوطنية والقومية.

ومع ذلك فإن ثوراتنا في مثلث العراق وسوريا ولبنان، بفعلها الدموي وصوتها الصاخب وأهدافها السامقة، ذات صلة بالجمال، وهي تبدو اليوم لغة كانت ذات يوم فعلاً، في تقفي أثر تذليل المكان والعلاقات والتاريخ لصالح العشق، عذرياً كان أو ممارسة، كونه حاجة بشرية لازمة وضرورية، على النحو الذي جسده الشاعر امرؤ القيس حين قال واصفاً حبيبته:

حجازيّة العينين مَكيَّة الحشا عراقيَّة الأطراف رومية الكفلْ


قد يكون للبيت الشعري السابق معنى مختلفاً عما أذكره، لكن ما يمهني هنا جمالنا الممزق اليوم بين الأمم في حروب استدرجَنا غيرنا إليها أو فرضت علينا أو كانت صنيعة أيدينا من فساد في البر والبحرـ حكاماً وشعوباً ـ ففي عراقنا، حيث تاريخنا وحضارتنا ومدخل الغزاة إلينا في كل حقب الزمان، لم يكتف غزاة الحاضر بأطراف العراقيات، ولكن قسموا العراق كلها إلى أطراف متقاتلة، وعملوا على تقطيع أوصال الدولة العراقية تماماً مثلما فعلوا في الماضي مع الشام، ويفعلون اليوم مع أجزائه المتبقية، في كل من سوريا ولبنان، سعياً لاقتناص الجمال هناك، ثم انتهى الأمر إلى أخذ حوريات سوريا سبايا لدى الأجلاف، وتسفيه نشاط اللبنانيات في الاحتجاجات الدائرة اليوم عربياً في أحاديث الجلسات الخاصة وبعض وسائل الإعلام.


أيها الملأ، يا من بقي فيكم أثر من حب للعراق على خلفية المدخل العاطفي للشاعر امرئ القيس، لكم أن تعرفوا أننا ونحن نتابع ما يحدث في لبنان وقلبها سوريا نتذكر بلاد الشام، أو كما تعرف بسوريا التاريخية نتفاعل مع قصيدة «مرّ بي» للشاعر سعيد عقل، التي غنتها فيروز، وخاصة بيتها القائل:

الهــــــوى لحـظُ شــــاميةٍ رقَّ حتـــى خلـــته نــفـــذا