الاثنين - 29 أبريل 2024
الاثنين - 29 أبريل 2024

بلاد المواعيد الخاسرة

يكاد هذا العنوان ينطبق على الجزائر تحديدا، فقد خسرت مواعيد كثيرة بسبب حسابات إيديولوجية في الأغلب الأعم مغلوطة، فالرغبة في إقناع الجميع خوفا من الكل، لا يقدم البلاد إلى الأمام، مع أننا نعرف جيدا أن من يرغب في إرضاء الجميع، لن يرضي أحدا في النهاية.

إن السياسة خيارات وتحمل للمسؤوليات في حالات النجاح والإخفاق.. الخيارات الواضحة هي رهان السياسية، واليوم لا توجد أية عملية استرضاء لأن مصير البلاد يقتضي ذلك، فقد خسرت الجزائر كل مواعيدها من خلال نظام ثوري في ظاهره، تربت في حضنه الثعالب والضباع التي سارت بالبلاد نحو الخراب.

كان يمكن أن تمر الجزائر بسلاسة نحو الجمهورية الثانية وتكون سباقة عربيا، لكن ذلك لم يحدث، والحلول الدستورية الذكية كانت متوفرة، لكن لم يؤخذ بها، فكان يكفي ضبط سلسلة من القوانين دون المس بالجوهر، على مستوي الأجهزة التنفيذية والقضائية، دستوريا، لتمر الجزائر سلميا نحو انتخابات حقيقية، بمرشحين قادرين على قيادة البلاد نحو السلام وإبعادها عن شبح الاصطدام الخطير بين الحراك والسلطة الحالية، الذي ستكون نتائجه كارثية في النهاية.


يبدو الأمر في الجزائر مغلقا ولا ندري إذا كان هنا حل لانتخابات سحرية، تجعلها تمر بسلام؟، كيف؟، أمام الملايين من الحراكيين الذين سيحتلون الشوارع يوم 12 ديسمبر؟، وبالنظر إلى المتنافسين الخمسة، لا يرى الشعب جيدا ميلاد الجمهورية الثانية، مجموعة تترشح كما لو أن شيئا لم يحدث، وجوه معروفة ظلت تحوم في أروقة النظام، بعضها جاء من أحزاب كانت السبب الرئيس في الخراب وكان يفترض أن تُحَل كما حدث في كل البلدان التي تعرضت لثورات.


كيف القبول بمرشحين من أحزاب جل قادتها في السجون، أليس الحزب ألية يصنع استراتيجياتها البشر، لذا فنفس الآليات ستصنع عصابات قادمة.

لنفترض أن الانتخابات تمت بسلام.. سيولد الرئيس الفائز مُقعدا يتكلم في الفراغ، وعليه أن يواجه شعبا في الشوارع في حالات من الغليان قد تتطور سلبيا، وعليه أن يجابه مشكلات اقتصادية كبيرة وندرة في العملة الصعبة وبداية انفتاح البلاد على المديونية المدمرة، والتي تحتاج إلى تضامن شعبي كبير وتضحيات أكبر.

ما هي السبل المتوفرة لإقناع الشعب بضرورة شد الحزام في السنوات القليلة القادمة؟، نعم خطر كبير أن تظل البلاد بلا رئيس منتخب، ولكن الأخطر من ذلك أن يفرض على الشعب رئيس مشلول.

والحال هذه، لا نعرف اليوم ماذا يخفي الساحر لحل المشكلة التي تعقدت إلى حد كبير.

إن العبقرية التي صنعت الحرية والاستقلال، وأخرجت البلاد من الظلمات، وهلاك أكيد في العشرية السوداء التي بدل أن تنتج ثورة حية أنتجت مافيا وأثرياء حرب، هل هي اليوم عاجزة عن اقتراح حل وسط يعطي الأولوية لوحدة البلاد والخيارات الجمهورية الثانية؟، ذلك هو السؤال الكبير الذي لن تجيب عنه انتخابات عاجزة.