الاحد - 05 مايو 2024
الاحد - 05 مايو 2024

أردوغان.. وابتزاز أوروبا

كان لافتاً رنين الابتزاز ونبرة التحدي ولهجة العجرفة، التي استعملها كل من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ووزير داخليته سليمان صويلو، وهما يخاطبان دول الاتحاد الأوروبي.

والرسالة السياسية التي التقطتها عواصم القرار الأوروبي بامتعاض، هي كالتالي: إذا لم ترضخوا لأجندتنا وتستجيبوا لمطالبنا، فإننا سنستعمل أسلحة دمار تهدد توازنات مجتمعاتكم، وتدخلها في نفق من الصراعات والظلمات.

ملامح الأجندة التركية المعلنة تقتضي أمرين، الأول: انتزاع دعم اقتصادي كبير لتمويل مشاريع إعادة إسكان اللاجئين السوريين في المنطقة العازلة التي فرضتها بالقوة في شمال سوريا.


والثاني: وأْد كل نوع من الدعم يمكن للدول الأوروبية أن تقدمه لأكراد المنطقة، الذين يعتبرهم الرئيس التركي أخطر من تنظيم داعش، ويتهم الأوروبيين بالوقوف والتعاطف مع ما يُسمَّيه الإرهابيين الأكراد.


أردوغان الذي كانت بروكسل قد كلفته مقابل 6 مليارات يورو ـ في إطار صفقة عملاقة ـ بحماية حدودها الشرقية يطلب الآن المزيد، لكي يستمر في لعب دوره في منع المهاجرين من المرور عبر حدوده، وإلا فإنه سيفتح الأبواب أمامهم، ويسمح لأمواج كثيفة منهم بأن تنهال على الفضاء الأوروبي.

ويعرف أردوغان أن المزيد من المهاجرين سيشكلون ضربة مميتة للحكومات القائمة، حيث سيعبد هذا الواقع الجديد الطريق أمام المتطرفين والشعبويين من خلال الوصول إلى سدة السلطة، علماً بأن مزيداً من الهجرة يساوي في الظرفية الأوروبية الحالية ما يشبه عملية صب الزيت على نار ملتهبة.

لقد بدأ أردوغان في تنفيذ وعيده متسبباً بارتباك غير مسبوق للحكومات الأوروبية، التي ترفض استرجاع هؤلاء الإرهابيين وعائلاتهم، وتحبذ محاكمتهم في الأماكن التي ارتكبوا فيها جرائمهم الإرهابية، مع أن تركيا متهمة من طرف عدة جهات بالتواطؤ مع تنظيم داعش عبر تسهيل مرور الإرهابيين الأوروبيين إلى سوريا والعراق، وأيضاً عبر الإسهام في ديمومة تنظيم داعش الإرهابي من خلال سوق سوداء لنفط مهرب يهدد الآن الدول الأوروبية، بإعادة المئات من الإرهابيين إليهم.

هذه العلاقة الابتزازية لتركيا تجاه جيرانها الأوروبيين ستكون موضع نقاش عميق وصاخب في اللقاء الرباعي المرتقب بين تركيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا، الذي من المتوقع أن يعقد على هامش قمة منظمة الحلف الأطلسي في لندن بداية الشهر المقبل.. وسيعرف وقتها ما إذا كانت هذه الدول سترضخ لهذه الابتزاز، أم سترفع التحدي لمعاقبة تركيا أردوغان.