الخميس - 02 مايو 2024
الخميس - 02 مايو 2024

قراءة في زيارة بنس إلى العراق

في زيارة نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس إلى أجزاء من العراق مستثنياً العاصمة بغداد، تكرار يحمل معنى التوكيد السياسي العميق، لما سبق أن قام به الرئيس ترامب في الأيام الأخيرة من العام 2017، غير أنّ زيارة بنس لم تكن محصورة على القاعدة الأمريكية بالأنبار كما فعل رئيسه، وهو ما سمح حينها بتداول تبريرات عن عدم الذهاب إلى بغداد!.

بيان رئيس الجمهورية قال إنّه لم يكن هناك علم مسبق بالزيارة وعليه لا يوجد ترتيب لعقد لقاء، والحكومة قالت أنّ اتصالاً جرى بين رئيسها وبنس، تناول الأوضاع الأخيرة، وزاد البيان الأمريكي بالقول أنّ ترامب تلقى وعداً بمنع العنف ضد التظاهرات، فيما سقط في خلال وقت قريب من تلك المكالمة، قتيلان في بغداد.

العلامة السياسية التي أضافها بنس للزيارة هي ذهابه إلى أربيل عاصمة الإقليم الكردي، فبدا هنا تجاهله واضحاً لبغداد، وبدت الحاجة الأمريكية للحديث مع القادة الكرد أكثر أهمية من مباحثات يمكن أن تجري في بغداد.


إنّ واشنطن لها أكثر من ملف متداخل في الشأن الكردي، بعد أن أعلنت عن «انسحابها» من سوريا حيث كانت هناك تدعم «قوات سوريا الديمقراطية» ذات القوام الكردي، والرسالة الأمريكية تشير إلى أهمية الملف الكردي في المنطقة، لأسباب تتعلق بالثروات النفطية التي تقع في حيز المدن ذات الكثافة الكردية في سوريا والعراق، أو لأسباب أبعد، حيث تعد المنطقة الكردية العراقية الوحيدة بين مناطق الكرد في تركيا وإيران وسوريا تتمتع بحكم شبه مستقل، حيث يمكن للأمريكان التعويل عليها في استشراف مرحلة مقبلة من المتغيرات، سيكون للكرد الجزء الحيوي فيها.


وفي الوقت ذاته، يظهر تحاشي زيارة المسؤول الأمريكي لبغداد في وقت اشتعالها بالاحتجاجات، ادراكاً من واشنطن لعدم الخوض في هذا الملف المتفجر، وتركه للحكم في بغداد التي يرى الأمريكان انها أظهرت ميلاً لا يمكن تجاهله للجانب الإيراني، كما أنّ الحكومة العراقية لا تزال تتبنى منظومة المليشيات ذات الولاء لطهران، بالرغم من تقنينها في الحشد الشعبي، وهذا لم يمنع واشنطن من إصدار عقوبات طالت أحد قادة الحشد ضمن أربعة سياسيين عراقيين.

مهما قيل عن عدم تغير الاهتمام الأمريكي بالعراق، فإنّه لا ينفي حالة عميقة من عدم الرضا في واشنطن بشأن مواقف ايجابية في بغداد إزاء إيران المعاقبة أمريكياً، و هذا لا يعني أنّ الكرد لا يتصرفون بحسب تلك الروح الإيجابية مع إيران، غير أنّ لمصالح البيت الأبيض أمراً آخر.