الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إيران.. الشارع وتغييب الإنترنت

عادت الثورات الشعبية في إيران بعد الاحتجاجات ضد غلاء المعيشة التي اندلعت نهاية 2017، وبعد صرخة «الحركة الخضراء» في 2009، التي قادتها الطبقة الوسطى الليبيرالية.

إن تحديد التعويضات عن البنزين، التي كانت تاريخيا محدّدة بأثمان بخسة، قد أشعل كل الطبقات الاجتماعية وفئاتها في مختلف مدن إيران ابتداء من يوم السبت 16 نوفمبر.

وأمام اكتشاف الحكومة الإيرانية تفاعل الشارع الإيراني مع الاحتجاجات الاحتفالية في كل من بيروت وبغداد عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قرّرت هذه الحكومة الإيقاف النهائي للإنترنيت، ومهما كان هذا الإجراء عاما ومباشرا لم تعمد الحكومة إلى التصريح به بالرغم من الكلفة الثقيلة التي تترتب عنه.


لقد أصبح متعذرا الآن الحصول على ما يقع في إيران، ورصد حجم الحشود الهائلة للمتظاهرين وتفاصيل الاشتباكات مع الجيش، فلم نعد نعرف ما حدث في إيران ذات 80 مليون من السكان المنخرطين في مدّ احتجاجي جديد، غير حصيلة تدل على أربعة قتلى من قوات الأمن، ثلاثة منهم قتلوا بالسلاح الأبيض من طرف المتظاهرين قريبا من طهران حسب بلاغ يوم الثلاثاء الذي أصدره حراس الثورة.


وباستثناء التصريحات الرسمية المهدّدة للمتظاهرين لم نحصل إلا على معلومات قليلة وبعض الصور الغامضة الراصدة لمشاهد دموية، فما بعد أحداث الجمعة السابقة لم يعد بمستطاع الإيرانيين ولوج الإنترنيت والهاتف الثابت الذي تمّ توقيفه أيضا.

نجد في تصريح لهيئات المجتمع المدني المتخصصة في أمن شبكات التواصل الاجتماعي أن السلطات الأمنية قد استغرقت 24 ساعة لتنفيذ هذا الحضر الذي يعدّ سابقة من نوعه، والذي جاء بهدف الإعمال السرّي للعنف الدموي، بتعبير «رزا مواني» مسؤول مكتب إيران مراسلون بلا حدود، ويرى المراقبون السياسيون أن ما أقدمت عليه إيران كان مخطّطا له سلفا، إذ استندت إلى دراسة سرّية داخلية عالجت كيفيات تطويق الثورات وإفشالها عن طريق التحكّم في الإعلام عامة والإعلام الرقمي بخاصة استفادة من الثورات التي شهدتها في 2009 و2017 و2018.

تؤّكد هذه الدراسة على أن تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي في إنجاح الثورات و«البروبغاندا السياسية» والانتخابية استنادا إلى ما وقع في العالم العربي أخيرا وفي الانتخابات الرئاسية التمثيلية التي شهدتها دول العالم في السنين الأخيرة، تمثل نسبة 83 في المئة. مع تفاوتات ضعيفة تمليها خصوصيات كل دولة.

في هذا السياق، أعلنت إيران في شهر يونيو السابق أنها تمكنّت من تغطية 80 في المئة من ترابها بشبكة الإنترنيت، وأن ما يميّز هذه الشّبكة أنها مستقلة عن الشبكة العالمية، وممركزة وفق نظام أمني داخلي خاص.

لقد عزت الدولة سبب قرارها، إلى مؤامرة أمريكية جديدة حسب زعمها تهدف إلي النيل منها بخلق الفرقة الداخلية وتهديد أمنها الداخلي عن طريق توظيف دقيق للإنترنيت كقاعدة للتجسّس والتدمير.