الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

السودان.. وصراع الدوائر الأمريكية

الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للتداول حول ملفات عديدة على رأسها ملف رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، يحتم علينا أن ننظر إلى الداخل الأمريكي وصراع الأجهزة والدوائر، حتى نفهم ما قد تؤول إليه مداولات الزيارة من نتائج.

ثمة تناقض وتضارب كبير في السياسة الخارجية الأمريكية في أحيان كثيرة، حيث يتصارع تياران أمريكيان لهما امتدادان خارج حدود أمريكا، ولهما وجهتا نظر متناقضتان في كثير من الملفات، كل منهما يسيطر على دائرة محددة وعلى جهاز دون الآخر.

ويأتي على رأس تلك الأجهزة المهمة والمؤثرة على البيت الأبيض جهاز الاستخبارات المركزية (سي آي إيه)، وهو ليس على وفاق مع البيت الأبيض في الوقت الراهن وله رؤيته الخاصة حول موضوع السودان والإرهاب.


كان مايك بومبيو وزير الخارجية الحالي يقف مع دونالد ترامب ويميل لوجهة نظره في هذا الملف حين كان رئيساً لجهاز المخابرات الأمريكية، ومع ذلك لم يتمكن من التغلب على عمق الجهاز، أما الكونغرس، فعلى وفاق مع مراكز الدراسات الأمريكية في مسـألة التعجيل برفع اسم السودان من هذه القائمة.


ومما لا شك فيه أن حمدوك في وضع لا يحسد عليه، بزيارته التي تأتي في وقت يحتدم فيه الخلاف بين إدارة البيت الأبيض من جهة، والكونغرس من جهة أخرى، وتدور مداولات لمساءلة ترامب بغية عزله من السلطة.

لنتفاءل بأن يجد حمدوك المساحة الكافية لشرح ما يحمله من دفوع وحجج لرفع اسم بلاده من قائمة الإرهاب، ولكن أيضاً عليه أن يضع في اعتباره هذه التناقضات التي تحدث في الدوائر الأمريكية، وعليه خفض سقف التوقعات، لأن الخلاف بين ترامب والمخابرات الأمريكية على السياسة الخارجية في التعاطي مع ملف رفع السودان هو خلاف متأرجح.

إذاً على حمدوك أن يتمتع بمهارة فن (إقناع الديك)، فما يقنع رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي، سيواجه بالرفض من ميتش ماكونيل زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأمريكي، وكلاهما في مرحلة استعطاف الناخب الأمريكي للمسار الانتخابي المقبل، وسيظل القرار مرهوناً بجاذبية حمدوك.