السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الصين باتجاهين متناقضين

ما من شك في أن الصين بصعودها الدولي أضحت حديث العالم اليوم، فبعد تبوؤ اقتصادها المرتبة الثانية بدأت تكشف عن خطط للتفوق في مجالات مهمة كالذكاء الصناعي والثورة الرقمية والصناعات العسكرية والمشاريع الاقتصادية العالمية والفضاء وغيرها، لكن كيف هي حالها من الداخل؟.. القيادة الصينية لها رؤية خارجية تقوم على مجاراة السباق العالمي، لإحراز مزيد من التفوق، وحجز مكانة مرموقة في النظام الدولي عبر الأخذ بأسباب القوة المتعارف عليها في الصراع العالمي، وعقيدة أيديولوجية داخلية تطبق مفهوم النظام الشمولي، فالحزب الشيوعي هو الذي يقود كامل المسيرة ويُحكم قبضته على الدولة والمجتمع والأفراد والأفكار وغيره، ورؤية الصين الخاصة للسياسات والقضايا نهائية، دون اعتبار لمسائل الحريات والمعتقدات والأديان والآراء الأخرى وحاجات الإنسان المختلفة، فهي تهتم ببناء الدولة بالمعنى الشمولي دون الاهتمام بالفرد.

والصين اللادينية تتعامل مع مسلمي الإيغور بعقلية القرون الوسطى عبر اعتقالهم ووضعهم في معسكرات «تغيير العقيدة» أو التطهير الفكري عنوة، وقد قامت إبان «ثورة 25 يناير» بشطب كلمتي مصر ومبارك من محركات البحث على «الإنترنت».

يقول أنتوني كوردزمان الخبير الاستراتيجي: «المعروف أن الصين أنتجت بطاقة ائتمان مربوطة بآراء الشخص السياسية وعندها القدرة على متابعة نشاطه وتنقله وقادرة على منعه من الشراء بها.. وهكذا».


ولا يوجد داخل الحياة السياسية في الصين كما يُقال من يحاسب أو يعترض أو يصحح سياسات وإجراءات وقرارات الحكومة، ولا توجد آليات واضحة لذلك، فماذا لو فشلت سياساتها الخارجية أو الداخلية، أو رؤيتها الاقتصادية، أو تفجرت فيها الأوضاع كما هو حاصل في هونغ كونغ، والذي يناقض نموذجها العالمي المفتوح (الصين الشمولية المغلقة)؟


وعليه، فإن الساحة الصينية الداخلية تبيت على العديد من الألغام والقنابل الموقوتة والتي تعرفها أمريكا جيداً ويروق لها وجودها، وستقوم باستغلالها على سبيل المقايضات والمفاوضات والصراع مع القطب الصاعد.

إذن مفهوم القوة التي تؤمن به الصين يقوم على امتلاك عوامل التفوق الخارجي مع عسكرة الداخل، عبر القبضة الحديدية التي تطال كل شيء حتى الكلمات والنظرات والمشاعر.

تجربة ألمانيا النازية والاتحاد السوفياتي وغيرهما ليست ببعيدة، لكن الصين، كما هو الطبع البشري وعقلية الدول والإمبراطوريات، تعتقد أنها مختلفة كما اعتقد ذلك من كان قبلها، في حين أن تاريخ العالم وأحداثه يخبراننا بغير ذلك.