الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

إسرائيل «تفاوض» الشعب الأردني

يدل كثير من الشواهد والدلائل اليوم على بدء المرحلة الثانية من المشروع الإسرائيلي خارج فلسطين بشكل عملي وعلني، بعد أن تزامن مخطط تصفية القضية الفلسطينية مع وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بحيث ينتهي مع انتهاء ولايته، والذي تضمن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس وضم الغور الأردني وتشريع الاستيطان وهضم الضفة وإنهاء حق العودة وإعلان يهودية دولة إسرائيل.

هذا المشروع التوسعي الثاني يمثل رؤية وخطة إسرائيل للتحكم بالمنطقة العربية، خاصة المحيطة فيها بأساليب جديدة غير السابقة القائمة على الاحتلال العسكري المباشر، والمواجهة المسلحة مع الشعوب، وذلك عن طريق مسك مفاصل ومجالات الساحة المستهدفة والنفاذ إليها عبر آليات كثيرة تبدأ بتوقيع الاتفاقيات والمعاهدات ويتبعها كثير من الخطط والأجندات، خصوصاً أن إشكالية مشاريع الدولة العبرية المستقبلية تكمن مع الجانب العربي الشعبي وليس الرسمي.. إن المراقبين للأوضاع الصعبة الحاصلة في الأردن اليوم، خاصة في الجانب الاقتصادي ومن عقدين سابقين تحديداً، يؤكدون وجود خطة ممنهجة لضرب مفاصله الرئيسة ومحاولة إفشال مشاريعه الاقتصادية، وتعطيل الاستثمار فيه، ورهن مرافقه السيادية، وإفراغ الحياة السياسية فيه.

إسرائيل ترقب بدقة ما يجري في الأردن، والتفكير الاسترتيجي لها يقوم على محاولة النفاذ والتحكم بشكل أو بآخر بمستقبله، عبر الدخول معه باتفاقيات ملزمة، وذلك بعد قيام الولايات المتحدة بالتأثير على مجمل خياراته ومساراته، والمؤسسات الدولية، بالتحكم باقتصاده ومحاولة إفقاره، وإيجاد جماعات وقوى مؤثره داخله تؤمن بالرؤية الإسرائيلية، إلى غير ذلك من الآليات والأساليب.


لنخلص إلى نتيجة مفادها: أن إسرائيل تأمل وتريد أن تصل الأوضاع في الأردن إلى مرحلة التأزم والفشل، وأن يصل الشارع الأردني إلى مرحلة الإحباط واليأس، ليتم بعدها بطرق غير مباشرة دفع القاع الاجتماعي فيه بعد وصوله لمرحلة الانغلاق الاقتصادي والمعيشي إلى القبول بالدخول في الزمن الإسرائيلي عبرالتلويح له بمشاريع وخطط موجودة في حوزتها، لربط حاجات الشعب الأردني الرئيسة بها، وكأنها تفاوضه بشكل غير مباشر، حتى يقبل بها ويطبِّع معها ويتعاطى مع مشاريعها، معتقدة أن الأمور يمكن أن تمضي بهذا الشكل المرسوم.