الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

لا نهر بضفة واحدة

عام 1991، لم تستطع منظمة التحرير الفلسطينية أن تكون مفاوضا مباشرا في عملية السلام التي قرر المجتمع الدولي خوضها في أول مفاوضات مباشرة بين العرب وإسرائيل، فدخل الفلسطينيون بممثلين حقيقيين يمثلونهم من الداخل الفلسطيني لكن تحت مظلة أردنية، حيث أن المؤتمر اشترط كيانات شرعية معترف بها!.

لكن كان الاختراق الأخطر بمحادثات أوسلو السرية حيث كان ممثلو منظمة التحرير يجتمعون برسميين إسرائيليين، لتنتهي المحادثات باتفاق أوسلو، وهو اتفاق على مراحل، انتهى اليوم إلى طريق مسدود بالكامل معدوم الأفق.

فالإسرائيليون لا يرون في الفلسطينيين «السلطة والمنظمة والقيادات جميعها» شريكا حقيقيا في السلام، واليمين الإسرائيلي استطاع أن يتغذى وينمو على فساد تلك السلطة وانشقاقاتها وصراعاتها الأمنية مع حماس، التنظيم المنشق والذي يشكل قاعدة راديكالية لا يمكن الوثوق بها في قطاع غزة.


إننا اليوم أمام تاريخ جديد، فأوسلو بكل ما فيها ونتائجها هي الآن باطلة أمام سلطة فلسطينية فاسدة منتهية الصلاحية، ويمين إسرائيلي لا يريد النزول عن الشجرة.


ولو أريد للأردن أن يكون وكيلا أمنيا عن إسرائيل فتلك بداية أزمة جديدة تزيد التعقيدات؛ ولو تم طرح فكرة الأردن كحل بديل للفلسطينيين فنحن أمام أبواب جحيم لا أحد غير الله وحده (وهو الذي يتوهم الجميع الحروب باسمه) يعرف منتهاها.

واعتماد إسرائيل كدولة يهودية القومية، يفتح سابقة كارثية تعطي تمهيدا لداعش الإرهابي ومخلفاته فيما بعد لإعلان الدولة «الإسلامية»، أو للبنان لأن يكون دولة مارونية، وهذا يشبه إشعال كرتونة من علب الكبريت أمام برميل بارود شديد الانفجار.

وفي المقابل، فإن حل الدولة الواحدة «ثنائية القومية وديمقراطية» هو حل انتحاري لإسرائيل، والكل يدرك ذلك (رغم أني سمعت في الأردن توجها نحو طرح هذا الحل كتكتيك لإحراج إسرائيل).

والآن.. ما الحل أمام تلك المفارقات التعجيزية التي بدأت فعليا بالتدحرج ككرة ثلج منذ عام 1974؟

إن الحل الواقعي يكمن في العودة «قدر الإمكان» وبحذر يراعي مصالح الجميع وبواقعية نحو ما قبل الحرج المتدحرج.

والحل في فدرالية يتم صياغتها بهدوء شديد تعيد للمملكة الأردنية وضمن شرعية القرارات الدولية نفسها الضفة الغربية، وهذا يتطلب أيضا تعديلات دستورية أردنية تضمن حكما ملكيا دستوريا للملك فيه صلاحيات أقل، مما يبدد المخاوف من «عملية ضم أمني» قد تخدم إسرائيل، وحكومتان محليتان في الضفتين تتبعان حكومة مركزية واحدة في «عمّان».