الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

من سمات الأغبياء الاهتمام بالاقتصاد

كان الخميني شخصًا غير معروفٍ بالنسبة لأغلب الإيرانيين، ومعروفًا على نحو محدود لدى جماعات الإسلام السياسي الشيعية، لكنه لم يكن بالمستوى الذي يجعل منه زعيمًا محتملًا للبلاد.

وقف الغرب مع الخميني في منفاه، وراح يبيع الشاه رضا بهلوي تدريجيًا يومًا وراء الآخر، وجرى ترويج أن الشاه رجل أمريكا وأنه يعمل على دعم المشروع الغربي، فالغرب كان منافقًا في هذه الأحداث، راح يُسوق ويدعم الخميني ويصنع صورته كعدوّ للغرب، ويطعن الشاه ويدمّر صورته كعميل له، فكانت هذه واحدةٌ من أكثر عمليات تغيير الأوراق مكرًا ودهاءً في العصر الحديث.

ضغط الغرب على الجيش حتى اتفق معه على أن يعمل على إسقاط النظام، وكان أن أعلن الجيش الحياد، وهو ما يعني عمليًّا الموافقة على إنهاء النظام وتسلّم المتظاهرين السُّلطة!.


كان أداء الشاه بدوره سيئًا للغاية، فغادر إلى خارج البلاد، وغادر معظم رجاله إلى فرنسا، وأمّا آخر رئيس وزراء في عهد الشاه «شابور بختيار» فقد كان يبحث عن أي طريق للهروب نحو باريس!.


وكان لتأثير الخميني على الناس وقْع السِّحر، فرضخ الجميع دون أن يعرفوا من هو، ولا ماذا ينوي، إنهم لم يعرفوا أيضًا من أين ولا كيف جاء، ولكن حالة الانبهار التي شارك فيها نصف العالم الغربي على الأقل أصابت الجميع.

من المثير للغاية أن معظم فصائل اليسار قد أيّدت آية الله الخميني، واعتبروا أن استخدام رجل الدين القادم من باريس مصطلحات زاعقة مثل «المستضعفين» تكفي لتعميده إمامًا لليسار.

قام الخميني بتأميم آلاف الشركات، وخصخصة الكثير من مؤسسات القطاع العام، ويقول باحثون: إن «الخميني استولى على قرابة 200 ألف شركة خاصة، وعلى عشرات الشركات العامة، وأن معظم هذه الشركات قد آلت إلى رجاله وأنصاره».

وقدّم الخميني رؤية غير مسبوقة لعلم الاقتصاد، فلقد احتقر ذلك العلم، كما احتقر الاقتصاديين وما يطرحونه من أهدافٍ بشأن التقدم والنموّ.

رأى الخميني أن علماء الاقتصاد مشغولون بالحياة الدنيا، وأنّه ينبغي على الشعب أن ينشغل بالآخرة، ذلك أنَّهُ ينبغي أن يعمل الناس لأجل الجنّة وليس لأجل التنمية، ويَذكر كُتّاب ومؤرخون إيرانيون أن الخميني قد وصل به الأمر في احتقار علم الاقتصاد واحتقار علمائه وخبرائه إلى القول بأنّ: «الاهتمام بالاقتصاد هو من سمات الحمير»!.

وحين غادر الشاه رضا بهلوي وجاء آية الله الخميني، غادرت الحداثة إيران لتحل محلها الأصولية المتطرفة، فلم يكن حكم الشاه نموذجيًّا، لكنه بدَا جيّدًا للغاية بعد سنوات من حكم الخميني، وارتبكت الثقافة الإيرانية التي استطاعت في السابق التوفيق بين الدين والتاريخ، وبين الحضارة والسياسة، لكنها عادت لتُضعف كل شئ طيلة العقود الأخيرة.

لقد بدتْ الأصولية الخمينية أشبه بجمهورية «أرابيسك» أيديولوجية تقوم على توليفات وتركيبات متداخلة على نحو شاق، وهى على قوتها الظاهرة، يمكنها أن تواجه الانهيار في لحظةٍ واحدة.