السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

ليبيا.. والمأزق الجزائري

على غرار مقولة: «مسكينة هي المكسيك.. لبعدها عن الله وقربها من أمريكا»، وعلى غرار مقولة إيف لاكوست: «الجغرافيا هي آلة لإشعال الحروب».. تجد الجزائر نفسها مسكينة، لقربها من دول الساحل، خاصة مالي وليبيا.

فما كادت تخرج من عنق الزجاجة بنجاحها في تنظيم الانتخابات الرئاسية والعودة للمسار الدستوري والشرعية الشعبية، حتى ازدادت الأزمة الليبية حدة بتعدد التدخلات الأجنبية عسكرياً.

اليوم بدأت النُّخب الجزائرية السياسية والعسكرية تقلل من اهتمامها بالحراك الشعبي وحكومة عبد المجيد تبون المنتظرة، وراحت تركز على التحديات الأمنية التي يخلفها التدخل العسكري التركي المنتظر في ليبيا.


لقد ظلت الجزائر ترفض التدخل العسكري الخارجي في ليبيا ومالي ومختلف دول الساحل أو دول الأزمات، لإدراكها أن انعكاساته الأمنية تكون خطرة على الداخل الجزائري، ولأسباب أخرى، أهمها:


أولاً: أن الجيش الجزائري منذ 2011 وهو مرابط بالآلاف على حدود مالي وليبيا، تحسباً لمنع تسلل الإرهابيين والأسلحة، فضلاً عن موجات المهاجرين الذين عادة ما يكونون بدون وثائق، مما يجعل هويتهم مجهولة، وقد يكونون إرهابيين أكثر منهم لاجئين.

ثانياً: أن الاقتصاد الجزائري لا يقوى على تحمل عبء هذا الواقع، فضلاً عن عبء حرب على الحدود.

ثالثاً: أن التدخل التركي في ليبيا يزيد من حدة التوتر، ويلقي بظلاله على الاستعدادات الأمنية الجزائرية من جهة وعلى الاقتصاد الجزائري من جهة أخرى، فضلاً عن الوضع الداخلي اجتماعياً.

كما أن التدخل العسكري التركي سيضاعف الأعباء الجزائرية التي أشرنا إليها، لأنه يؤثر على عموم دول الساحل خاصة مالي والنيجر، وهما دولتان حدوديتان مع الجزائر، ما يعني أن الجزائر تجد نفسها مضطرة لمراقبة نحو 6 آلاف كم من الحدود الجنوبية.

والأكثر من ذلك أن التدخل التركي، يأتي في سياق صراع دولي حول النفوذ في ليبيا، وفي المنطقة عموماً، فليبيا تقع داخل دائرة التأثير المتعدد، سياسياً وعسكرياً، من دول عربية وأوروبية، إضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الاتحادية.

وليس مستبعداً في إطار هذا التعدد الدولي وقوع اشتباكات بين مصر وتركيا، فالقاهرة تنظر للتدخل التركي بعين الريبة، نظراً لتدهور العلاقات الثنائية بسبب دعم أنقرة للإخوان.

وتنظر الجزائر، الداعمة لحكومة الوفاق، للتدخل التركي إيجابياًّ من جهة دعم الشرعية، وسلبياًّ على الصعيد الأمني، خاصة إذا طال التواجد العسكري.

والسؤال المطروح اليوم بحدة: هل تغير الجزائر عقيدتها العسكرية لأن الدفاع عن أمنها يتم بالضرورة خارج الحدود، أم ستجد الآليات التكتيكية للتكيف مع المستجدات؟