الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

فرار كارلوس.. والغدر بالشعب الياباني

نجح المدير التنفيذي السابق لشركة نيسان كارلوس غصن في الفرار من اليابان إلى بيروت يوم الـ30 من ديسمبر 2019، وكان لهذا الحدث أن يعكر صفو موسم أهم الاحتفالات في اليابان، حيث يحتفل اليابانيون بعطلة نهاية السنة وحلول السنة الجديدة وفق طقوس دينية رسمية تتوقف خلالها معظم النشاطات الاقتصادية والسياسية، ويجتمع الناس في بيوتهم لقضاء بعض الأوقات مع عائلاتهم.

ويشبه موسم نهاية السنة في الطقوس الدينية اليابانية، نهاية شهر رمضان وعيد الفطر عند المسلمين، أو عطلة يوم الغفران (يوم كيبور) عند اليهود.

ويبدو أن كارلوس غصن استغل فرصة عطلة نهاية السنة وانسلّ هارباً في رحلة على متن طائرة نفاثة خاصة إلى إسطنبول، ثم وصل إلى بيروت ليحظى هناك بالاستقبال الخاص بالشخصيات المهمة، ومن المفترض أن يكون قد تمكن من الهرب من اليابان وفق خطة محكمة بالغة التعقيد، وربما تكون قد نُفذت بمشاركة جهات حكومية أو شبه حكومية.


وكان هذا الحدث سبباً في إثارة ضجة عنيفة في أوساط عامة الشعب الياباني الذي شعر بالعار بسبب هذا الخرق الفاضح للقانون والتحدي السافر للسيادة اليابانية.


وأُلقي القبض على غصن شهر نوفمبر 2018 بتهمة سوء السلوك المالي وإساءة استخدام أصول الشركة، وتم إطلاق سراحه بكفالة مالية، ولكنه أنكر تورطه بأي عمل خاطئ واتهم النظام القضائي الياباني بالظلم، وتابعت بعض الأوساط الإعلامية الغربية القضية باهتمام، متجاهلة الحقوق القضائية اليابانية ومشيدة بفراره.

إن النظام القضائي الياباني يحتاج إلى الإصلاح بسبب قسوته المفرطة وإجراءاته المعقدة التي عفا عليها الزمن، وإذا كان النظام يعني السماح بتبني معاملات تفضيلية لنخبة من متعاملي الشركات العالمية، الذين يجمعون مبالغ طائلة من الأموال عن طريق استغلال الثغرات في النظم القانونية المتعددة، والتي تسمح بمنح الشخص الواحد عدة جوازات سفر، فإن ذلك لا يراه الرأي العام الياباني أمراً صحيحاً.

وفي حادثة سابقة، تم استجواب رئيس الوزراء في جلسة من جلسات البرلمان الياباني المفتوحة بسبب دعوته لعدد أكبر من اللازم من الضيوف المحسوبين على «الحزب الديمقراطي الليبرالي» الحاكم إلى الحفل الحكومي الرسمي، والذي ينظم مرة في السنة في إحدى الحدائق للاحتفال بتفتح أزهار الكرز.

وإذا كان غصن يكره بالفعل «فساد» النظام القضائي الياباني، فلقد كان بوسعه عرض قضيته على السلطات الفرنسية من أجل الحصول على حكم عادل، ولكنه لم يفعل ذلك، وبدلاً منه آثر الهروب إلى لبنان حتى يحظى هناك بترحيب الأبطال!

وربما يعتقد غصن أنه سوف يستفيد من المعاملة التفضيلية التي يستحقها في لبنان، والتي ستثبت أن سوء التسيير المالي يعتبر أمراً بسيطاً أو مقبولاً كطريقة عادية لتسيير أمور الشركات أو الدوائر الحكومية، ويعتمد الحكم على ما إذا كان هذا صحيحاً أم لا، على موقف الشعب اللبناني مما حدث.