الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

2019 عام الحراك الشعبي عالميّاً

شهد العام الفائت 2019 احتجاجات وثورات شعبيّة عارمة في مختلف أنحاء العالم، ما يجعله عام الحراك الشعبي عالميّاً حسب تعبير «جاكسون ديل» مراسل صحيفة«واشنطن بوست»، فقد خرجت الجماهير على الشوارع في مختلف الدول من فرنسا وهونج كونج وبوليفيا، وتشيلي، وكولومبيا، وجمهورية التشيك والأكوادور، وهايتي إلى مصر، والجزائر، وإندونيسيا، والسودان، وإيران، والعراق، ولبنان، وروسيا، وإسبانيا، وأخيراً الهند للمطالبة بالتغيير.

وعلى رغم تفاوت الأسباب لاندلاع الثورات الشعبية، فإن القاسم المشترك في جميعها هو ثورة الجماهير على استشراء الفساد، وتدهور الأوضاع الاقتصاديّة والمعيشيّة للجمهور، وتزايد الفجوة بين الموسرين والمعدمين في ظل النظام الاقتصادي الرأسمالي الجديد الذي يوجّه إلى تكدّس الثروة في أيدي الحفنة من الشركات العملاقة، واستبداد الأنظمة السياسيّة، وانتقاص الحرية الشخصيّة والسياسيّة، والتمييز الحكومي بين المواطنين على أساس الدين؛ وذلك في محاولة مستميتة من الشعوب لتغيير أنظمتها وإصلاح أوضاعها.

تصيبنا هذه الأحداث بالقلق والحزن بأن جزءاً كبيراً من عالمنا، لا يزال يعاني مشكلات وأزمات وجودية حقيقية، وأنّ شريحة كبيرة من البشر لاتزال محرومة من الحقوق الأساسية والعيش الكريم بسبب قصور الأنظمة من جهة، ومن جهة أخرى تمنحنا الأمل بأن الوضع القائم سيتغيّر بمحض إرادة الشعب.


لقد شهدت فرنسا انطلاقة أعظم حراك شعبي في تاريخها المعاصر اشتهر بمسمى «حركة السترات الصفراء» في مايو 2018، وانتشرت إلى دول أوربيّة مجاورة، وخرجت الحركة بداية للتنديد بارتفاع أسعار الوقود وارتفاع تكاليف المعيشة، ثم امتدّت مطالبها لتشمل إسقاط الإصلاحات الضريبية التي تستنزف الطبقتين المتوسطة والعاملة فيما تقوّي الطبقة الغنيّة، والمطالبة باستقالة رئيس فرنسا إيمانويل ماكرون.


كما تواصلت تظاهرات واحتجاجات واسعة في شوارع هونج كونج على مدى 2019 ضد مشروع قانون تسليم المجرمين الهاربين إلى البر الرئيسي الصيني، ما كان سيهدد الخصوصية القانونية للمدينة، وامتدّت مطالبها لنيل قدر أكبر من الحقوق الديموقراطية.

واجتاحت موجة من السخط الشعبي العارم عدة بلدان عربية (السودان، الجزائر، لبنان، العراق) للأسباب ذاتها تقريباً التي أشعلت فتيل ثورات 2011.. المتظاهرون يريدون الآن تغييراً حقيقياً وملموساً، ولن يرتضوا بأقل من رحيل الطبقة السياسية الفاسدة.

وتشهد الهند منذ ثلاثة أسابيع احتجاجات ومظاهرات عارمة على شوارع مدنها وقصباتها ضد قانون تعديل الجنسية الذي يراه المتظاهرون مناهضاً للطابع العلماني للدستور الهندي، الذي يكفل الحقوق المتساوية لكل المواطنين، لأنه يميّز ضدّ المسلمين في مسألة منح الجنسية، ويطالبون بإلغاء القانون.. والسؤال هنا: إلى أي منقلب ستنقلب الأمور في 2020؟، لا ندري؟.. لكن نأمل أن تتحقق مطالب الجماهير الثائرة.