السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الرد الإيراني بين الممكن والمستحيل

دخلت المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران مرحلة جديدة بعد مقتل الجنرال قاسم سليماني ورجل ايران القوي في العراق أبي مهدي المهندس، وهي ضربة أمريكية مزدوجة في قوة وتأثيراً، ذلك انّ ايران تعوّل على نفوذها في العراق منذ سنوات بعيدة على عدد محدود من القيادات البارزة والمعروفة الموالية لها ومن بين أهم هذه الشخصيات المهندس الذي كان يقود الحشد الشعبي.

ولكن بالعودة إلى خيارات ايران العسكرية المباشرة في الرد والانتقام مهما بلغت قوة تأثيرها، سوف تعود بخيارات عسكرية جديدة للولايات المتحدة والتي لا تحتملها البنية العامة الداخلية لإيران اقتصادياً وسياسياً.

إن هناك جملة من الرسائل السريعة التي وصلت الى طهران، منها عبر السفير السويسري القائم بالأعمال الأمريكية في طهران، أو من خلال زيارة أو اتصال أكثر من مسؤول عربي يهمه عدم تصعيد الأزمة واتساع دائرتها، وايران في هذا الحال تقف موقف انتخاب واختيار القرار الأنسب في الرد، وسوف تجنح تحت ضغط تلك المعطيات الى الاستثمار السياسي العالي ذي المنافع الكبيرة لها، وأهمها انّها ستفرض عبر الموالين لها في أغلبية البرلمان العراقي لاستصدار قرار بإخراج قوات الولايات المتحدة الامريكية من العراق، أو تحديد وجودها في أضيق نطاق، وبما يجعلها غير ذات تأثير سوقي في المنطقة، بالرغم من انّ هذا القرار صعب للغاية ولا يتناسب مع قدرات العراق.


ويكون ذلك بالتوافق مع الدفع بحكومة عراقية جديدة أكثر التزاماً بالخيارات الايرانية وأكثر تشدداً نحو واشنطن، بما يسفر عن انهاء الحراك الشعبي في العراق والذي تسبّب في ازعاج إيران كثيراً.


أمّا الاستثمار الثاني لإيران، فهو السعي لانتزاع مكاسب لتخفيف العقوبات الامريكية المفروضة عليها، مقابل عدم توقيت أي رد مزعج مع مواعيد استراتيجية للانتخابات الامريكية التي يسعى الرئيس ترامب للفوز بها، وقد يجره صراع تفتح جبهته إيران بحسب قرار منها الى ضياع فرصة فوزه.

وباتت مؤشرات الرد الايراني قوية جداً، بعد اعلان الحرس الثوري انّ عدة جبهات ستشترك في ذلك الرد وفي طريقته واستراتيجيته، بما يشير الى دول اخرى يتمركز فيها النفوذ الإيراني، لكن الأهم هو أن تضمن طهران أمنها مستقبلاً بتعهدات تصل الى الوسطاء الدوليين ومن ثم الى واشنطن، بعد الضربة الأخيرة الموجعة.

وفي جميع الاحوال، ستكون عمليات الرد ونعيته، خارج الأراضي الايرانية، وبالنيابة عبر الاذرع التي تحركها في المنطقة.