الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كل فصيل وكيل.. ليس أصيلاً

إن الفرق كبير جداً واسع وشاسع بين الرفض والمعارضة، فالرفض أن تقول: لا، ثم تتهم الآخر الذي ترفضه بالعمالة والخيانة وبيع القضية أو حتى بالكفر، أي تحاول تخوينه بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة، أي إن الرفض موقف سلبي شرير مناكف، أما المعارضة فهي موقف إيجابي خيّر، وصاحبه محاور ناصح، يحاول الوصول إلى نتيجة أفضل من منظوره الخاص.

والمعارضة أن تطرح البديل لما تقول له لا، وبهذا الفهم الذي أراه صائباً، فإن العالم العربي لا يعرف المعارضة، وأن ما يجري فيه هو الرفض، والمعارض فيه يسعى إلى تقويم من يعارضه وإصلاحه، أما الرافض فهو يسعى لإسكات من يرفضه أو قتله، ولذلك أدمن العرب القتل والهدم والتدمير لأنهم لا يعرفون سوى الرفض والنفي.

عندما تم الإعلان عن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام في الشرق الأوسط تسابق العرب في الرفض واللاءات والسخرية واتهام الآخر بالخيانة والعمالة، رغم أن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قال: «إن بإمكان الفلسطينيين طرح بدائل لخطة دونالد ترامب»، لكن العرب ليسوا قوم بدائل وإنما هم قوم رافضون، إنهم قوم (لا)، وإذا سألت: لماذا لا ؟ فلن تجد جواباً.


لقد أضاع العرب ملايين الفرص بآلاف اللاءات التي أمطرونا بها منذ نكبة فلسطين، لا صلح.. لا تفاوض.. لا اعتراف، وبعد ذلك تلاشت كل اللاءات وكل الفرص، وضاعت القضية بأيدينا لا بأيدي زيد أو عمرو.


ولو افترضنا جدلاً أنه تم الاتفاق بين كل الأطراف على إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، فإنني أكاد أجزم بأنها لن تقوم لأن صراعاً دامياً سيدور بين الفصائل الفلسطينية حول من يحكم هذه الدولة، وحتى الآن وربما حتى بعد 1000 عام، لا أكاد أفهم معنى فصائل المقاومة، أو فصائل المعارضة، فالكل يقاوم محتلاً واحداً فلماذا فصائل المقاومة؟ ولماذا ليست المقاومة فصيلاً واحداً؟ والكل يعارض نظاماً واحداً، فلماذا المعارضة فصائل وجبهات وليست كلاً واحداً؟

الحكاية أن الفصائل تعني أن كل فصيل يقاوم بالوكالة أو يعارض بالوكالة، وهكذا العرب كل مواقفهم بالوكالة لا بالأصالة، وكل فصيل وكيل ليس أصيلاً!