الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الناتو.. ومشكلات الشرق الأوسط

يمثل التصريح الذي صدر في الولايات المتحدة قبل يومين من أن «الناتو» سوف يركّز نشاطاته الآن على تحقيق الأمن في العراق، في خطوة جديدة لتحقيق الاستراتيجية الأمريكية للانسحاب من المنطقة، ويتماشى هذا التطور مع السعي وراء فكرة التكفّل المالي لدول الشرق الأوسط العربية بالأعباء التشغيلية للحلف، فيما أصبح اهتمام الولايات المتحدة مركزاً على احتواء النزعة التوسعية الصينية وخاصة في منطقة المحيطين الهندي والهادي، بعد أن تخلى الاقتصاد الأمريكي تماماً عن الاعتماد على المصادر النفطية الخليجية.

وقبل نحو أسبوعين، تسلمتُ دعوة من مدرسة «الناتو» للتدريب في ألمانيا لإلقاء محاضرة حول ضرورة تدخل الحلف بشكل أقوى في الشرق الأوسط، ويأتي هذا الاهتمام بدول المنطقة استجابة لملاحظة سبق أن أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

وربما يأتي هذا التحول في إعادة توجيه جهود الناتو كتحذير استراتيجي للدول الأعضاء في حلف وارسو السابق، الذي يضم دول أوروبا الشرقية، وقد يشمل هذا التحذير أيضاً دول البلطيق المنشقة عن الاتحاد السوفييتي السابق ومعها جمهوريات منطقة القوقاز.


ويؤكد الصدع القائم بين أوكرانيا وروسيا أن أسباب ودواعي إقامة حلف «الناتو» كحائط دفاعي مضاد لطموحات روسيا التوسعية (أيام الاتحاد السوفييتي)، لا تزال قائمة حتى الآن وتتطلب مواجهتها التزامات دقيقة.


وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، فإن تدخل «الناتو» في أفغانستان ودول أخرى لم يثبت فعاليته الكافية، ولعل مما يثير التساؤل هو حالة الانقسام الداخلي التي تشهدها دول المنطقة بالرغم من أن الفكرة التي تفيد بضرورة المشاركة في الدفاع عنها لم تنضج بعد، فلا يكفي تصنيف إيران كعدو جديد للتغلب على بقية الخلافات الداخلية وانعدام الثقة داخل تلك الدول.

وإن التساؤل «المتحور» حول إذا كان التحرك الأمريكي الأخير الذي تجلّى بخطة السلام الشاملة لتقرير مصير الفلسطينيين، ليس جزءاً من خطة للتنازل عن الدور الأمريكي لصالح إسرائيل كعامل أساسي لتحقيق الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وقد يمثل ذلك إعادة إحياء لخطط سابقة تعود لفترة الإعلان عن وعد بلفور بإنشاء دولة وطنية لليهود على أرض فلسطين عام 1917 من أجل التواجد في الخليج والقرب من حقول النفط العراقية.

ولكن، ووفقاً لما نراه ماثلاً أمامنا الآن من خلال اعتبار تركيا دولة تحتكم بمفردها على أقوى جيوش حلف «الناتو»، فإن هذه الأفكار لا يمكن اعتبارها على أنها تمثل الوصفة المناسبة لتحقيق السلام المستدام في المنطقة.