السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الغزو العثماني لأفريقيا

بات من الواضح أن أردوغان اتخذ موقف العداء من جيرانه العرب بلا استثناء، فهو يتحرك بشكل سريع لاستعادة أمجاد إمبراطورية أجداده العثمانية. أردوغان يرى أفريقيا في هذه الفترة بعداً جديداً، فهو يحاول وصل ما انقطع عبر التاريخ لاستعادة الأمجاد على التراب الأفريقي، حيث كان معظم الشمال الأفريقي والسودان وإريتريا وإثيوبيا وبلاد الصومال جزءاً من الدولة العليا.

كان امتداد نفوذ العثمانيين من خلال معاهدات الصداقة والتحالف إلى إمبراطورية كانم - بورنو التي كانت تسيطر على ما يشكل حالياً دول نيجيريا والنيجر وتشاد، بل ووصل النفوذ العثماني إلى منطقة «الكيب» في الجنوب الأفريقي، وشاركوا في حملات بناء سكة حديد الحجاز، وجمعوا الكثير من الأموال.

هذا عن التاريخ، أما عن الحاضر فيشرحه د. حمدي عبدالرحمن في دراسته المهمة «سياسات التغلغل: دوافع أردوغان لإحياء العثمانية الجديدة في أفريقيا»، بأن أردوغان أعد استراتيجية لتنمية العلاقات الاقتصادية مع البلدان الأفريقية في عام 2003، وكان الهدف المعلن هو الحصول على المواد الخام، وتعزيز التجارة مع أفريقيا.


وفي عام 2008، عُقدت قمة التعاون التركية - الأفريقية في إسطنبول، ومنذ ذلك الحين حدثت طفرة في الزيارات رفيعة المستوى إلى القارة، كما زاد عدد السفارات في أفريقيا من 12 إلى 42، وارتفع عدد مكاتب وكالة التعاون والتنسيق التركية في أفريقيا من 3 إلى 11 تعمل في 28 دولة في القارة، وارتفع عدد المكاتب التجارية من 11 إلى 26، كما ارتفع عدد الطلاب الأفارقة الذين تخرجوا في الجامعات والمؤسسات التعليمية التركية إلى أكثر من 10 آلاف طالب، في حين بلغ حجم التبادل التجاري التركي - الأفريقي 24 مليار دولار.


ويستند أردوغان في طموحاته كما تشير الدراسة، إلى الاعتماد على القوة العسكرية جنباً إلى جنب مع الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية، مع استغلال حالة الضعف التي تُعاني منها الدول الأفريقية مثل ليبيا والصومال، وهو نفس ما حاولت القوى الإمبريالية قديماً استغلاله للتواجد في أفريقيا بشكل استعماري.

قد تكون بعض الدول العربية على قدر كبير من الوعي بتلك التحركات الأردوغانية، ولكن من المهم أن نتحرك لصد تلك الهجمة، حتى لا نستيقظ في المستقبل على أزمة سد نهضة جديد.