الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كورونا.. دروس وعِبَر سياسية

كورونا.. هذا الوباء التنفسي الذي انتشر انطلاقاً من الصين، يمكن أن يحمل معه بعض الدروس القيّمة، وحتى الآن يبدو أن عدد المرضى الذين ماتوا بسببه لا يزال قليلاً بالمقارنة بعدد المصابين به، وهو لم يتجاوز النسب القياسية لكل أنواع الإنفلونزا المعروفة.

وكما هي العادة، اتضح أنه يصيب كبار السن والناس ذوي الحالات الصحية الضعيفة، ويبدو أيضاً أن هذه الأوبئة تحمل معها مؤشرات ضعفها وانحسارها السريع.

وسبب هذا الخوف الذي عمّ العالم، لا يرتبط بحجم تداول أخباره في شبكات التواصل الاجتماعي فحسب، والذي تجاوز أخبار جميع النشاطات البشرية الأخرى عبر العالم، بل بسبب الطريقة التي تعاملت بها السلطات الصينية مع المشكلة والتي عززت من مشاعر الذعر والهلع التي عمت العالم بعد ذلك.


ومما يدعو للقلق، أن الباحثين الصينيين عادة ما يتعاملون في المختبرات مع هذا النوع من الفيروسات في غياب أي نوع من الرقابة الدولية، كما لو كانوا يتعاملون مع أسلحة الدمار الشامل، وهذا ما يثير المزيد من الخوف.


وكشفت الطريقة التي حاولت بها السلطات الصينية وقف انتشار الوباء، النقاب عن الكثير من أسرار العلاقة بين القيادة السياسية والمواطنين، وأثبت استخدام أجهزة الذكاء الاصطناعي للتعرف على الأشخاص الموبوئين، عدم كفاءته لأن ارتفاع درجة حرارة الأفراد لا يكشف عن سببه الحقيقي.

واتضح أيضاً أن لجوء السلطات لإغلاق مدن وأقاليم كاملة كان وسيلة لمراقبة المعلومات المتسربة حول الوباء بأكثر من كونها محاولة لاحتوائه.

يضاف إلى ذلك أن عزل الأفراد المصابين وعائلاتهم والتحفظ عليهم في بيوتهم أو في بقية الأماكن المغلقة، يؤكد على أن انتشار الوباء أصبح يحدث خلف الأبواب المغلقة بدلاً من أن يفهم الناس منه عكس ذلك.

ولهذه الأسباب، وبالرغم من أن الحصيلة الحقيقية لعدد القتلى والناتجة عن سوء التعامل مع هذه الأزمة ربما تبقى غامضة لفترة طويلة، يجب الانتظار لبعض الوقت حتى نقف على حقيقة تأثير الأزمة على الاقتصاد الصيني والعالمي، فإننا نأمل أن تساعد الشعب الصيني على إدراك المصاعب الجمّة التي تواجه أبناء جلدته من مسلمي الإيغور ـ رجالاً ونساء ـ الذي يقطنون إقليم شينجيانج، وهم الذين يتعرضون لحرب شعواء لإكراههم على التخلي عن ديانتهم وثقافتهم الإسلامية، بطريقة لا تختلف في طبيعتها عن أسلوب الحرب المعلنة الآن ضد فيروس كورونا، ومن دون أن يخشى أي صيني نكران هذا الحق الطبيعي في الحياة.