السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

نار الكراهية.. وقيمة الإنسان

بعد حادثة هجوم ألمانيا الأخير، الذي استهدف فيه متطرف ألماني مقهيين، متعمّداً قتل «الأجانب» بكراهية، حسب تعبيره في رسالة سبق أن نشرها على الإنترنت.

بعد تلك الحادثة، ظهرت الكثير من المقالات التي تحذر من تصاعد «اليمين المتطرف» في أوروبا، وهو تحذير له شرعيته، تقابله شرعية الحذر من اليمين «التركي ـ الأردوغاني» مثلاً، والذي كان ولا يزال يدعم حركات التطرف الراديكالية التي اخترقت كل اتجاهات اليمين.

الحقيقة والواقع، أنه لا يوجد يمين أوروبي واحد، بمعنى كتلة صماء أو متوحدة لها جسدها المتكامل، نحن أمام حركات يمينية محلية شعبوية متطرفة مشتتة في أوروبا، لكنها تتوحد في خطاب الكراهية ضد الأجانب، والأجانب هنا تشمل العرق غير الأبيض، لكن التطرف والتعصب قد تتسع دائرته ليشمل بعد ذلك كل ما هو أجنبي عن الثقافة المحلية، فالعنصري الألماني الذي ارتكب جريمة القتل الجماعي الأخيرة ضد «الأجانب» لم يفرق بينهم، فذهب إلى المقهى الذي يعتقد فيه بوجود كل من هم غير ألمان «آريين».


وهذا يعني أنه قد تتسع دائرة الكراهية لمن هم مثله فتشمل بولونيين مثلاً، أو ربما تتسع دائرة كراهية فرنسي يميني متعصب لتستهدف من ضمن الأجانب عدوه التاريخي، وهو ذلك الألماني الذي احتله في حرب عالمية.


المتعصب التركي مثلاً، يكن كراهية للعربي (شريكه في الدين) أكثر من كراهيته للأوروبي، وكذلك المتعصبون العرب في محلياتهم «الوطنية»، فهناك خطابات كراهية وإقصاء تسمعها في كل مكان على هذا الكوكب.

وعليه، فاليمين المتطرف ليس أكثر من كرة نار ملتهبة تغذيها الكراهية المتصاعدة وستظل تأكل في نفسها حتى تصغر أكثر وأكثر، وهذا لا يقلل من شأن كرة النار، فهي في المحصلة كارثة حريق متحركة.

من الخطأ اعتبار اليمين المتطرف في أوروبا حركة واحدة أو تياراً متوحداً، رغم كل الاجتماعات التي تجمع حركات اليمين الشعبوي المتطرف، إلا أن تلك اللقاءات لا تتجاوز إلا تحالفاً مؤقتاً لتركيز الكراهية على عدو اليوم من «أجانب» على أوروبا، لكن النوايا عند كل متعصب كامنة في داخله ولها حسابات لا تنتهي، بحيث إن كل يميني في تلك اللقاءات يجلس مقابل مشروع خصم في المستقبل، فالكراهية لا تعرف السلام أبداً، والكراهية تبحث عن عدوها لتستمر مشتعلة.. لكن ما هو الحل؟ الحل هو في العودة إلى القيم الإنسانية بعيداً عن كل هويات لاحقة يكتسبها الفرد دينياً أو عرقياً أو اجتماعياً، فقيمة الإنسان في إنسانيته لا أكثر، وبالتأكيد ليس أقل.