الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الديمقراطية.. معركة الصين المقبلة

في خضم ما أصبح يطلق عليه «حرب الشعب» ضد فيروس كورونا في الصين، نشطت المعارضة ضد النظام بشكل تصاعدي، وجعلت من الوباء موضوعاً جديداً لتحميل الدولة المسؤولية السياسية والأخلاقية.

لقد اعتبرت المعارضة الوباء نتيجة خفيّة للأوضاع المعيشية والصحّية الكارثية، التي كانت تعاني منها الأوساط الشعبية الأكثر فقراً وتهميشاً والأكثر استغلالاً في بناء الثروة التي لم تستفد منها إلاّ كمشة من البورجوازية المتوحشة.

علّقت المعارضة أيضاً، على التدبير السيّئ واللاإنساني من طرف الدولة للفئات الشعبية المصابة بالدّاء، بدون أي اعتبار لكرامتها وحقّها في التعامل اللائق بها، وهذا ما عبّر عنه «كزي جين بينغ» كوجه بارز في الحزب الشيوعي، و«كزو زهيونغ» المناضل الحقوقي، و«كزو زنغرون» وهو من أهم مثقفي الصين، ليتمّ اعتقالهم من طرف الشرطة السرّية بعد اجتماع سرّي قاده هؤلاء وحضره أكثر من 20 محامياً من مناضلي حقوق الإنسان للتباحث في «الانتقال الديمقراطي في الصين بإقليم «فيجيان» بـ «كزيامين».


ويعتبر «كزو زهيونغ» الأستاذ المحاضر، أحد مؤسّسي جمعية «المبادرة الدستورية المفتوحة» سنة 2003 التي ركّزت مبادئها على الدفاع عن دولة الحق والقانون في الصين، لكن اعتُبرت هذه الجمعية غير قانونية من طرف السلطات، فتم حظرها سنة 2009، ممّا حفّزه على تأسيس «حركة المواطنين الجدد» سنة 2013، غير أنه اعتقل بعد سنة واحدة وحُكم عليه بـ4 سنوات سجناً بحجة «إخلاله بالنظام العام والتحريض ضده»، وبالرغم من إطلاق سراحه أصرّ «كزو زهيونغ» على مواصلة ممارسة قناعاته، مدافعاً عن حقوق الإنسان، فاضحاً للفساد ومطالباً جين بيغ بالاستقالة.


لكن اعتقاله الأخير الذي لم يُصرّح رسمياً بأسبابه، أثار تخوّفات المنظمات الحقوقية الدولية من إصدار أحكام قاسية ضده، لأنه وضع أصبعه هذه المرّة على جرح عميق للدولة الصينية، باعتبار ملف فيروس كورونا موضوعاً حقوقياً وسياسياً يدين النظام السياسي في الصين برمّته.

اعتبرت الحكومة الصينية اجتماع «كزيامين» بداية خطر حقيقي يهدّد بلادها واستقرارها، لذلك لا يهمها تفشي عدوى فيروس كورونا بقدر ما يهمها ويخيفها تفشّي عدوى الانتفاضات الحقوقية والسياسية، لهذا لجأت إلى العنف وفبركة الملفات ضد الحقوقيين.

وأورد الموقع الإلكتروني الصيني «الأزمان الرقمية الصينية»، أن هناك اختطافات واعتقالات غير مبررة شملت مختلف الحاضرين لهذا الاجتماع الذي قاده «كزو زهيونغ»، وهذا ما دانه «كزيو زنكرون» أستاذ القانون في جامعة «تسينكوى»، والذي طُرد من عمله، في مقالة طويلة ونارية تحمل عنوان «تحذيرات من الفيروس»، وربط هذه التحذيرات بانتقاده للإصلاحات الدستورية التي «طُبخت» في رأيه 4 أشهر قبل انتخاب الرئيس جين بينغ وما تلا هذه الانتخابات من أزمات بنيوية فضحها هذا الفيروس.

والواضح أن الصين بعد كورونا، ستعيش حرباً جديدة يقودها هذه المرّة المجتمع الصيني ونخبه المتنوّرة من أجل الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية.