الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الحكومة العراقية.. صراع الديكة

في حلبات صراع الديكة لا يوجد منتصر، فكلا الديكين المتقاتلين يخرج مثقلاً بالجراح ومهزوماً، حتى من يعتقد أنه منتصر.

تلك هي المعركة، أو ما يقابلها كمسرحية تكليف محمد توفيق علاوي بتشكيل الحكومة العراقية، التي كان جمهور العراقيين يعرف خيوط صراعاتها ونتائجها سلفاً، فالمشكلة أن الجميع كان يراقب خيوط الصراعات المتشابكة، إلا علاوي نفسه الذي انغمس بالدور المسند إليه، بينما رحى أصوات صراخ الديكة المتصارعة من حوله بلغت مسامع الجميع، دون أن ينصت إليها هو نفسه، فصدّق السيناريو المعد للمسرحية الهزيلة مقدماً.

الصراعات التي دارت في سيناريو تكليف علاوي كانت كالمعتاد طائفية ومصلحية بحتة، وفي مثل هذه المعارك يبرز أبطال يجربون قوتهم ويهمشون القوى الأساسية والأصيلة في مكون المجتمع العراقي، معتقدين في أنفسهم أنهم قوى خارقة (سوبر).


لم يتصارع في معركة تشكيل حكومة علاوي الشيعة والسنة، أو العرب والأكراد، بل كانت معركة شيعية - شيعية، وسنية - سنية، وكلها دارت في حلبات العرب دون أن يتدخل الأكراد في إشعالها، بل على العكس من ذلك، بذل قادة الأكراد جهودهم لتهدئتها، وإزالة الدخان الأسود من أجوائها كي ينجلي ويتضح الطريق من أجل الوصول إلى حل يقي العراق وشعبه خسائر معركة، المستفيد منها بضعة أشخاص هم في الحقيقة أمراء حروب ليس إلا.


فبينما كان علاوي منهمكاً في دوره الذي أسند إليه بتشكيل الحكومة ويسعى من وجهة نظره لإنجاز مهمته، فإن الصراع كان يدور بين مقتدى الصدر، رئيس التيار الصدري (شيعي) ومحمد الحلبوسي رئيس تحالف القوى العراقية (سني) ورئيس البرلمان، وكلاهما أراد أن يقدم نفسه للجمهور على أنه بطل وزعيم طائفته، الصدر زعيماً للشيعة، والحلبوسي زعيماً للسنة، دون أن يكون صراعهما لصالح الشيعة أو السنة، أو من أجل مصلحة العراق والعراقيين المنتفضين ضد كل هذه الصراعات العبثية التي رهنت حاضر البلد ومستقبله، حصل هذا دون وضع أي حسابات للجمهور العراقي المنتفض منذ ما يقرب من 6 أشهر.

لكن المفاجأة هي أن علاوي أدرك هذه اللعبة متأخراً، بل متأخراً جداً، وعرف أنه ضحية صراع بين شخصين وليس قوتين، وسيكون هو ضحية نتائج هذا الصراع سواء انتصر أو انهزم أحدهما في حلبة قتال الديكة، فانسحب من الحلبة ومن خشبة المسرح تاركاً الديكة تثخن بعضها بالجراح.