الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

3 عقود من الضياع

في كل مجتمع، وفي كل مرحلة زمنية، ثمة فئات صغيرة من المجتمع تؤثر في الجموع وتقودها فكرياً، البعض يسميهم النخب الفكرية، والبعض يسميهم صناع الوعي، وتتكون، غالباً، من الساسة والاقتصاديين والمثقفين والفنانين ورجال الدين وأصحاب الرأي وغيرهم.

المجتمعات التي تتوازن فيها عوامل التأثير تصل، غالباً، إلى مرحلة متقدمة من الوعي، تنعكس آثارها على مختلف أوجه الحياة فيها، فتلمح علامات المدنية والتحضر أينما ذهبت، من انضباط عام في المطارات ومحطات النقل العام، واحترام للحريات الشخصية في المنتجعات والشواطئ، والالتزام بقوانين المرور، واحتياطات الطوارئ، وغيرها.

والمشكلة تبدأ عندما يطغى مؤثر واحد على بقية المؤثرات، ويقودها حسب أفكاره وتوجهاته، وبما يخدم مصالحه وأهدافه.


ولو قرأنا في تاريخنا المعاصر، فسنجد أن الفترة التي توازنت فيها عوامل التأثير، اتسمت بالازدهار في أكثر من جانب، خصوصاً الجانبين: الفكري، والثقافي.


لكن موجة هذا الازدهار تباطأت في البداية، ثم أخذت في الانحسار شيئاً فشيئاً، مع ظهور جماعات الإسلام السياسي، واحتكارها لمنابر الوعظ، ومحاولتها فرض نموذج واحد للفهم الديني، ومن يحاول مناقشته، يتم التشكيك في عقيدته، ومن ثم محاربته، ونبذه اجتماعياً.

وتزامن هذا الظهور، مع تقاعس النخبة المثقفة عن ممارسة دورها الفكري والأخلاقي في مواجهة الخطاب غير الواعي، والرافض للتصالح مع واقع الحياة العصرية ومستجداتها.. لتخسر بذلك الأمة العربية 3 عقود من عمرها، كان في مقدورها جعلها واقعاً أفضل بمراحل مما هو عليه الآن.