الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ليبيا.. الجبهة الغربية وكورونا

التطورات الأخيرة في الغرب الليبي، لا تُقرأ فقط بتتبع الوقائع العسكرية والميدانية، بل تتطلبُ أيضا، استدعاء للتوازنات الاجتماعية والقبلية، واستحضارا لخريطة المدن في البلاد المنقسمة منذ سنوات بين معسكرين، كما تحتاج استحضارا للتداخل بين التطورات العسكرية والتطورات الصحية المتصلة بتفشي فايروس كورونا.

في ليبيا كل الأبواب مفتوحة على بعضها، إذ تزامنَ الإعلان عن أول مصاب بالفايروس في ليبيا مع تجدد المعارك بين الجيش الوطني الليبي والميليشيات التابعة لحكومة الوفاق.

قد لا تبدو العلاقة منطقية بين الخبرين، ولكن الصلة كامنة في أن هدنة إنسانية دعت لها الأمم المتحدة حتى "يتفرغ" الليبيون لمحاربة تفشي الوباء، فقد شنت ميليشيات أسامة الجويلي الموالية لحكومة الوفاق هجوما على قاعدة" الوطية" الجوية، التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، ما استدعى ردا عسكريا من الجيش، وهكذا خُرقت الهدنة، وتأخر الاهتمام بكورونا ولو أن المسألة كانت منذ البداية في قلب التجاذبات السياسية والعسكرية.


قالت وزارة الصحة في حكومة الوفاق الأحد الماضي، إنها فتحت أول موقع مخصص لعزل الحالات المؤكد إصابتها داخل قاعدة" معيتيقة" العسكرية، لكن الرحلات الجوية من تركيا تواصلت حتى بعد الإجراءات التي أعلنتها حكومة السراج، نفسها، للتوقي من الفيروس. رحلات أجمعت مصادر كثيرة على أنها كانت تنقل المرتزقة الذين كانت ترسلهم تركيا للمشاركة في الصراع الليبي.


البعد الاجتماعي الكامن في التطورات الأخيرة، يتمثل في إقدام ميليشيات أسامة الجويلي على شنّ الهجوم على قاعدة الوطية، وهو هجوم مثّل أولا خرقا للهدنة، وأشّر ثانيا على تجدد المعارك التي عبثت بالتوازنات القبلية والاجتماعية القائمة.

أسامة الجويلي، قائد المنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة الوفاق، والذي ينتمي إلى الزّنتان، مدينة ومجموعة قبائل، استهدف في هجومه قاعدة يمثل أبناء مدينته وقبيلته غالبية من العاملين فيها، وكسر معادلة اجتماعية في ليبيا، تقوم على احترام العلاقات القبلية والانتماءات الاجتماعية، حتى في صورة اختلاف الاصطفافات السياسية، لذلك نلاحظ أن مدن الخط الغربي الفاصل بين طرابلس ورأس جدير على الحدود التونسية، متنوعة الانتماءات بين محور خليفة حفتر أو محور فايز السراج دون أن يؤدي ذلك إلى معارك أو توترات.

انهارت الهدنة الإنسانية في ليبيا، وتحالَفَ تردي الوضع العسكري مع فيروس كورونا، وفي الأثناء يمكن استشعار بداية تغير خريطة السيطرة الميدانية للجيش الليبي الذي يكابد منذ انطلاق عملية طوفان الكرامة، من أجل تخليص البلاد من عربدة الميليشيات الإسلامية المدعومة عسكريا وإعلاميا من أنقرة والدوحة.