الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

هل ستتعلم البشرية من كورونا؟

أنا أؤمن أن أي أمر جلل يحدث في الحياة، لا بد أن تكون ورائه أهداف إيجابية مهما كانت تضحياته كبيرة، حتى الحروب كانت لها نتائجها حيث استطاعت دول كثيرة خسرت في الحرب العالمية الثانية، أن تعيد بناء نفسها واقتصادها ووجودها، وأن تتقي أسلوب الحرب في حل نزاعاتها مع بقية الدول.

والأمر ذاته ينطبق على وباء كورونا الذي وحد العالم وساوى بين فقير وأمير، وبين مواطن عادي ورئيس وزراء دولة عظمى مثل بريطانيا، وبين إنسان طيب وآخر شرير.

تخيلوا، هذا العالم الذي يقرب عدد سكانه من 8 مليار نسمة، بقاراته ومحيطاته وبحاره وأنهاره وجباله وغاباته وبمناطقه النائية، واختلاف شعوبه ولغاتهم وعاداتهم وثقافاتهم وأديانهم، لم تستطع أعظم القوى السياسية والاقتصادية والعسكرية من توحيده، لكن فيروس لا يرى، بل لا يمكن رصده بأكثر المجاهر حداثة وتقنية ودقة، استطاع توحيد سكان كوكب الأرض، وأن يكون الشغل الشاغل لكل البشرية، ويستفز علمائهم للبحث عن لقاح ينجي الإنسان من قوة فتكه.


مجرد فيروس يهدد بقاء البشر، ولا يصيب الحيوانات والنباتات، بل على العكس من ذلك نتائجه تسببت بنقاء البيئة لعدم تشغيل المحركات والمصانع والتفاعلات التي خربت البحار والفضاء والغابات، وأدت إلى انقراض الكثير من الحيوانات والنباتات.


نعترف أن فيروس كورونا قتل الآلاف من البشر، وحسب أراء العلماء فإنه قد يفتك بمئات الآلاف أو أكثر من 6 ملايين، إذا لم يتم التوصل للقاح أو دواء يوقفه عن حده، ومع ذلك فان هذا الفيروس المتناهي في صغره يعلم البشرية الكثير من الدروس، خاصة فيما يتعلق بالحفاظ على البيئة والتقارب العلمي والاقتصادي بين الشعوب، والتكافل الاجتماعي داخل البلدان ذاتها، اضافة إلى تسخير الكفاءات البشرية للتهيؤ لمواجهة فايروسات أكثر فتكا من كورونا، بدلا من انصراف الطاقات العلمية لاختراع وصناعة الأسلحة، واستخدام الطاقة النظيفة وتوظيف الذرة للأغراض السلمية، والأهم من هذا وذاك احترام البشرية وحياة الناس وبغض التمايز بين شعوب الأرض.

نعم أنا أؤمن بأن كورونا رسالة إلهية للبشرية للحد من طمع الدول الكبرى في استغلال سواهها من الدول الصغرى، وأن تكف الأنظمة الشريرة شرورها، وتبني علاقات طيبة مع بقية شعوب العالم، وإلا فإن التهديد بانقراض البشر ما يزال قائم، فلقد برهن كورونا ذكائه وشراسته وبأنه قادر على تطوير ذاته ليكون أكثر فتكا.