الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

دورة الحضارات.. والسقوط الوشيك

إذا عدنا لكل المنظرين للحضارات، نجدهم يتكلمون عن «دورة الحضارات»، رغم التباين اللغوي أو الأدبي بينهم، ويجمعون على أن الحضارة مثل الكائن الحي، تبدأ صغيرة ثم تنمو حتى تصل إلى مرحلة الذروة، ثم تبدأ في التراجع، لذلك وجدنا على مرّ العصور حضارات عريقة سادت ثم بادت، مثل الرومانية واليونانية والفارسية، ونشأت على أنقاضها حضارات جديدة، منها الحضارة الغربية في الوقت الراهن بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية.

وبغض النظر عن سبب أفول الحضارات، التي حددها المنظّرون، فإن وباء كورونا أصبح مؤشراً على تراجع الحضارة الغربية، فالملاحظ أن عدداً من الدول الغربية تقف حائرة أمام انتشاره داخل دولها من جهة، ثم عاجزة عن لعب دور قيادة العالم أو الوصية على العالم من جهة أخرى، فأمريكا لم تعد قادرة على تقديم الدعم لحلفائها الأوروبيين كإيطاليا وإسبانيا، ودول أوروبا الشرقية سابقاً التي انضمت للحلف الغربي على غرار الاتحاد الأوروبي مثل صربيا وجمهورية التشيك.

كما أن الاتحاد الأوروبي لم يتعامل مع أزمة كورونا ككتلة، وإنما كل دولة فكرت بأنانية وانغلقت على نفسها، حيث أصبح الدواء والغذاء مادتين استراتيجيتين لا يمكن بيعهما أو منحهما.. الأمر الذي جعل عدة مسؤولين أوروبيين يطلقون تصريحات تعتبر بمثابة الرصاصة الأولى ضد الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن هذا الأخير بعد كورونا لن يكون مثلما كان قبله.

ومقابل ذلك، تمكنت الصين، من دخول مرحلة التعافي من الوباء، وراحت تهتم بتصدير «حضارتها» لباقي دول العالم، مثل: إيطاليا وإيران وبعض الدول العربية، مثل: الجزائر، التي حلّ بها وفد من الأطباء وعلماء الفيروسات، ومعهم حمولة من الأدوية والمعدات الطبية، ما يعني أنه في الوقت الذي توجد فيه مؤشرات عن تراجع الحضارة الغربية، ولدت مؤشرات عن ميلاد حضارة أخرى بزعامة الصين، فيما يؤكد نظرية «دورة الحضارات».

وهناك الآن نقاش حقيقي بين النُّخَب حول هذه القضية بما فيها في الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، منها مقال لـ«برونو غيغ» ترجمه للعربية إبراهيم علي، تحت عنوان: «سقوط النسر بات وشيكاً»، يذكر فيه ما نشرته الصحافة الأمريكية عن مضمون الحوار الذي دار بين الرئيس الأسبق جيمي كارتر ودونالد ترامب، مفاده: أن جيمي كارتر طبع العلاقات مع الصين عام 1979، ومنذ ذلك الوقت لم تخض الصين أي حرب، بينما بقيت أمريكا في حالة حرب دائمة، أنفقت ترليونات الدولارات، بينما أنفقتها الصين على التنمية والتطور.