الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجائحة.. وإعادة صياغة الجانحة

مع القليل من التأمل والاستبطان نستشعر أن هناك حرباً مستمرة لا نهاية لها، ولا يمكن التنبؤ بها بين الإنسان واختلال التوازن في مواجهة تلك الحلقة، التي لا نهاية لها، وهي مخيفة في كثير من الأحيان، لا نسعى إلى مجرد سبب مادي ولكن إلى الغرض الأخلاقي والثمن المدفوع والدرس المستفاد من الأزمات، عندما تحدث الأشياء السيئة لأناس صالحين نسعى إلى قضية، وعندما تحدث أشياء سيئة للجميع، نسعى إلى سبب.

ونفضّل أن يكون سبباً جيداً، على قدم المساواة مع الألم الذي يسببه كما نشهد راهناً مع جائحة فيروس كورونا، والتي تحدث في حالة من اللامبالاة الأخلاقية، على الأقل من جانب الخطأ، وهو إلى حد ما غير بديهي، فهذه الحرب بالطبع لا تدور بين الإنسان والفيروس فحسب، ولكنها تشرك الحياة كلها على الأرض سطحاً وجوفاً.

فيعيش كل كائن حي على الأرض في حالة مستمرة من الحرب غير المتكافئة مع جميع الأنواع والطفيليات والبكتيريا والفيروسات، والمخلوقات الخلفية، لأننا لا نستطع رؤية السبب، أو ربما لأنه جائح جدًا لدرجة أنه لم يستطع أحد استيعاب فكرة أن شيئاً دنيوياً قد يكون مصدراً للكارثة، فمن الصعب فهم ما يحدث.


من النتائج العظيمة في الفكر والوعي الإنساني في الألفية الثالثة هو إدراك أن الفيروسات غير أخلاقية ولكنها لا تأتي لمعاقبة الإنسان بل للعيش، ولتتكاثر هذا إن كانت طبيعية، كما تعيش الكائنات الحية الأخرى، مع هذه البصيرة جاءت المعرفة بأن ما نحتاجه حالياً هو الإصلاح الأخلاقي والنظافة العامة.


ولقد أدرك الإنسان دور الفكر في صناعة المجتمع المتميز منذ وقت مبكر، فمزج بين الأخلاق والفكر، كي يحمي الناس من الزلل في مثل ظروف كورونا، فعندما يجتمع الفكر المتوقد مع الأخلاق المضيئة، فعند هذه النقطة يلتقي الفكر والأخلاق، وتولد أمواج فكرية تعيد صياغة الإنسانية إلى مجتمعات مثالية.

أما بشأن خلود النفس، فمرد ذلك إلى أن الإنسان لا يمكنه بلوغ الخير الأسمى والسعادة القصوى في الحياة الدنيا بسبب من تدافع عالم الحس وتأثيره على الإنسان، ومن ثم فإن ذلك يستدعي الإيمان بخلود النفس بعد الممات.

إن جائحة كورونا، ولّدت الرغبة في العثور على عامل أخلاقي لإلقاء اللوم عليه، ليبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن لهذه الجائحة، الجامحة، إعادة صياغة الأخلاق الجانحة، لتكون النتيجة صادمة.. محبة وإنسانية مانحة؟