السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

الحاجة لطريقة تفكير جديدة

يواجه كوكبنا كارثة كبرى، إنها جائحة فيروس كورونا، ولقد بات واضحاً أننا نعيش في عالم مُعولم ومتصل، ولهذا السبب لم يعد توحيد جهودنا في نضالنا ضد هذا المرض الفتاك خياراً حراً، بل هو ضرورة ملحة.

ونحن نلاحظ، كيف أن الجمود الفكري لم يسمح لبعض قادة العالم بتجاوز المصالح الأنانية، وهم مَقُودون بالظواهر النمطية القديمة أو حتى بمعايير الحرب الباردة، ونتيجة لذلك تتفاقم ظاهرة الانقسام العالمي مقابل تعاظم التحيّز للثقافات الدينية، ويحدث كل هذا بالرغم من الحقيقة، التي تفيد بأن العديد من الشخصيات الشهيرة لا تزال تردد الكلام الطيب حول أهمية التضامن! ولقد حاولت روسيا ومعها 30 دولة أخرى تبنّي قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي دعا لتجنّب الادعاءات الفارغة، والاتجاه نحو التعاون الفعال لإنجاز العمل المفيد، وحاولت الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا وجورجيا تفريغ القرار من محتواه الحقيقي، ونتيجة لذلك تم تجريد النص الأساسي للقرار من دون موافقة مجلس الأمن من كل ما يتعلق بالدعوة الأساسية لوضع حدّ للحروب التجارية والإجراءات الحمائية والعقوبات المفروضة من طرف واحد.

وكما هو معلوم، أرسلت روسيا كمية كبيرة من المساعدات الطبية العاجلة للولايات المتحدة وإيطاليا، ورحَّب العديد من الإيطاليين والأمريكيين بهذه المبادرة، إلا أن صحيفة «ستامبا» الإيطالية راحت تتصيّد بعض أخطاء الأطباء الروس وتنشرها على الملأ، وبدأت الصحافة الأمريكية من جهتها الترويج لفكرة أن هذه المساعدة الروسية ليست إلا واحدة من «مكائد بوتين»، ونحن نلاحظ أن الولايات المتحدة ذاتها تعاني من نقص بالكمامات الصحية، في حين اتهمت الصحافة الألمانية واشنطن بقرصنة وسرقة الكمامات التي كانت في طريقها إلى ألمانيا.


والآن، تشهد العديد من مناطق التوتر في العالم تصعيداً حاداً، ففي ليبيا هناك المزيد من الأعمال العدائية بالرغم من تخوّف الليبيين من هشاشة وضعف نظامهم الصحي المعرّض للانهيار مع تزايد عدد المصابين بعدوى الفيروس.


وتبادلت المملكة العربية السعودية والانقلابين الحوثيين مؤخراً الضربات العسكرية بالرغم من أن الاتصالات بين الطرفين متواصلة من خلال الوسطاء، ونحن نقترب الآن من موسم أهم الأعياد المسيحية والإسلامية، وأعلنت بعض الشخصيات والمنظمات المدنية المهمة عن معارضتها لدعوات رجال الدين، وأجمع العالم بعدم التجمع لحضور المناسبات الدينية الكبرى في الكنائس والمساجد، ولعل مما يدعو للشعور بخيبة الأمل أن تلك المنظمات تحاول استغلال أيام عيد الفصح ورمضان لدفع المؤمنين للاحتفال والمخاطرة بأرواحهم من أجل تقوية مراكزها وتحقيق مصالحها، وفي الوقت الراهن، تجاوز عدد المصابين بالعدوى من هذا الفيروس مليون شخص في العالم ومات عشرات الآلاف بسببه، ويأمل البعض أن يكون ما حدث حتى الآن كافياً لأن يعود العالم إلى رشده، وأن يفعّل عقله الجماعي حتى يتبيّن الطريق الصحيح نحو التضامن.

وإذا قرر جيراننا عدم اتخاذ الخطوات اللازمة والضرورية، فسوف نكون عاجزين وحدنا عن التصدي لهذه الكارثة الخطيرة.