الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

قراءة جديدة للخارطة البشرية

لو كان العالم يمتلك نظاماً تعاونياً لتبادل المعلومات في وقت الأزمات لكانت الخسائر الهائلة من جراء جائحة الفيروس تحت نوع من السيطرة حتى إيجاد اللقاح المناسب، هذا ملخص ما تناوله خبراء ومسؤولون في قطاع الصحة في أكثر من دولة أوروبية في الأسبوع الأخير.

سبق لدول العالم أن عقدت في السنوات العشرين الماضية اتفاقيات على مستوى قارات أو مستويات إقليمية أقل وربّما ثنائية أحياناً لتبادل المعلومات بشأن الإرهاب، وأثبت هذا التعاون فاعليته، لاسيما حين استهدف الارهاب قلب أوروبا أكثر من مرة.

الاتهامات المتبادلة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين مؤخراً، أضفى الظلال على الملفات الصحية التي من المفترض أن تكون ذات أولية في التعاون الفوري لأسباب إنسانية أولاً، ولأنّ لا أحد معصوم من تأثير أية أزمة صحية في عالم القرية الصغيرة ثانياً.


في التاريخ الاستخباري العالمي، كانت دائماً ملفات الأزمات الاقتصادية والمعيشية وغلاء الأسعار وحتى أخبار حفلات الزواج محط اهتمام، لذلك لا يعقل ما يقال عن انّ المعلومات “الدولية” كانت شحيحة وغير كافية من مصادرها حول الجائحة التي لم تصمد أمامها حدود دولة قوية أو ضعيفة.


فيروس كورونا المستجد هو مجس بسيط لفحص فاعلية نظام عالمي معقد وهائل على الاستجابة للأزمات الكبرى، والسؤال الذي برز بين ملايين البشر كان يدور حول جدوى سباق التسلح النووي أو حتى التقليدي، إذا كانت الدول لا تمتلك أنظمة ناجعة لحماية مواطنيها في وقت الحروب بدلالة النقص في توفير كمامات من قماش وورق رخيص للغاية، بالمقارنة مع أقنعة الحماية من الغازات الكيمياوية أو الألبسة الخاصة للوقاية من الإشعاع النووي، فالدولة التي تمتلك أسلحة مدمرة، ربّما تتساوى مع الدولة التي لا تمتلك شيئاً من حيث امكانات حماية السكان عند وقوع أزمات كبيرة مثل الحروب، وهو احتمال لم يتم حتى الآن حذفه من قائمة خيارات الدول.

إنّ العالم بات معنياً بقراءة خارطة جديدة للتعامل البشري، إذ حين حدث الانتقال الفجائي من الحياة العادية إلى الجلوس في البيوت وغلق المرافق العامة التجارية والصناعية والترفيهية، كان الأمر نقلة نوعية واجبارية لتغيير سلوك الانسان من الاندماج والانفتاح إلى العزل والتباعد الاجتماعي، ولم تكن الدول مهيئة لمثل هذا التحول المفاجئ، حيث لا توجد لحد اللحظة ضمانات لعدم دخول العالم في أجواء كابوسية أخرى بعد زوال الفيروس.