الأربعاء - 08 مايو 2024
الأربعاء - 08 مايو 2024

السودان.. عام من الانتفاضة

قبل عام كامل، شهد شهر أبريل انهيار نظام عمر حسن البشير عقب اندلاع انتفاضة شعبية عارمة شاركت فيها فئات الشعب كلها، ومنذ ذلك الوقت تم تحقيق عدة خطوات تهدف للتوصل إلى اتفاقية تتعلق بإقرار خطة لإدارة مرحلة انتقالية مدتها 3 سنوات، يتم بعدها انتخاب برلمان جديد وتشكيل حكومة مدنية، وكان من الواضح حتى الآن أن رؤى الأطراف المشاركة في وضع أسس ونصوص هذه الاتفاقية من المنظمات المدنية والقيادات العسكرية، لا تتطابق فيما يتعلق بالطريقة التي سيتم بموجبها حكم السودان وإدارة شؤونه.

حيث لا يزال البلد يعاني من المشكلات ذاتها، التي أدت إلى انهيار النظام السابق، ومنها: الأزمة الاقتصادية المستعصية، والجمود المتعلق بحل مشكلة الانتفاضات المسلحة التي اندلعت مؤخراً في الأقاليم البعيدة مثل: دارفور وجنوب كردفان، والنيل الأزرق الجنوبي.

والآن، يجد السودان نفسه في حالة صعبة بسبب الأعباء الباهظة لخدمة الديون الأجنبية، وهي الديون التي لم تؤدِ إلى تحقيق الأهداف المرجوة منها، لأنها صُرفت على تغطية احتياجات المؤسسات العسكرية والأمنية، ومنذ أصبحت الأقاليم الجنوبية مستقلة في شهر يونيو 2011، تضاءلت العوائد المالية الناتجة عن بيع النفط الخام والتي تمثل المدخول الأساسي لتلك الأقاليم، كما أن اكتشاف رواسب الذهب المتوزعة على أراضي معظم مساحات البلد، لم تسهم حتى الآن في ملء خزائن البنك المركزي بسبب عمليات التهريب الممنهجة لهذه الثروة.


وما يزيد الأمور سوءاً وتعقيداً، هو أن السودان لا يزال يقبع تحت سلسلة من العقوبات الاقتصادية والمالية الدولية بسبب دعم النظام السابق للإرهاب وجرائم الحرب التي ارتكبها ضد السكان والمواطنين، ولا تزال هذه العقوبات تعرقل المساعي التي تهدف للحصول على دعم مالي خارجي يمكنه التخفيف من الأزمات التي يعيشها المواطن السوداني العادي أثناء بحثه عن الطحين والوقود.


وأما فيما يتعلق بالشأن السياسي، فلم يتم حتى الآن الاتفاق على حلول فعالة تسمح للبلد بقمع عمليات التمرد الإقليمية المسلحة، وتحقيق الوحدة الوطنية والمساواة، يضاف إلى ذلك ضعف التماسك الوطني والخبرة المتواضعة في الإدارة الحكومية، الذي أدى إلى نقص الكفاءة والفاعلية اللازمة لحل أي مشكلة.

وهذه التجربة الديمقراطية التي يعيشها السودان أصبحت مهددة بالخوف الشعبي ورغبة الأطراف العسكرية في استعادة السلطة الكاملة لإدارة البلد، إلا أن استقرار وتطور السودان يجب أن يحتل موقع الصدارة على المستوى الإقليمي، فخلال الأعوام الـ30 الماضية، كان السودان يمثل التهديد الأكبر لجيرانه، من القرن الأفريقي حتى منطقة الساحل وأبعد من ذلك.

إن السودانيين شعب عظيم يمكنه تحقيق نجاح كبير عن طريق الجمع بين الوحدة الوطنية والتنوع الثقافي وسَلك طريق التطور والتنمية، في وقت أصبح فيه فيروس «كوفيد-19» يشكل خطراً على الجهود التنموية للدول الأفريقية كافة، إلا أن السودان يستحق دعماً فاعلاً خلال مسيرته نحو السلام والاستقرار، وأيضاً من أجل مصلحة جيرانه على ضفتي البحر الأحمر.