الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

العالم.. و«قيادة الحكماء»

نمرُّ هذه المرحلة بكثير من الأحداث والجدل والتنازع بين مواقف وأخرى مناقضة، ما يثير التساؤل حول ما إذا كان من يدير هذه الرؤى وتلك الخلافات في المجتمع من مؤسسات ومسؤولين عنها يملكان الحكمة أم أنها غائبة عنهما؟

الحكيم في معاجم اللغة العربية هو الشخص الذي يتصف بالروية والرأي السديد في القول والفعل، فلا يقول إلا صواباً، ولا يفعل إلا ما هو صحيح ومعقول، بعيداً عن قرارات العاطفية، والحكيم اسم من أسماء الله جل وعلا، وصفة من صفاته قد يختص بها من يشاء من عباده، والحكمة عكس السفه، وتعني وزن الأمور بميزانها الصحيح.

الصفات الذهنية التي تميز الشخص الحكيم قد تتجلى عند شخص في مجال ما في مرحلة محددة في حياته، فنعتبره إنساناً حكيماً، لكن هذه الصفات قد تخبو أو تقل مع الزمن فهي ليست مرتبطة بالجينات كلون العينين وطول القامة، بل هي صفات إدراكية يمكن تنميتها والحفاظ عليها بالخبرة والممارسة.


لا ينشد الحكيم تطوير حياته فقط، بل تطوير الحياة ذاتها، أي تحسين أحوال مجتمعه.


ولأن الاختلافات في الرؤى جزء أساسي في الحياة، وحلها يحتاج للحكمة، فإن الحكيم ينشد التفاهم للوصول لتسوية ملائمة للخلاف حين يحدث، ويفضل مواجهة الخلاف والنقاش حوله للوصول لتسوية ما بشكل تفاوضي لا صدامي.

يرجع هذا السلوك للصفات العقلية المتطورة التي يتمتع بها الشخص الحكيم، ومن ثم يستطيع الوصول لمواءمات تتفق مع رؤيته الأكثر شمولاً لموضوع الخلاف.

لدينا الكثير مما يحتاج إلى الحكمة، ويظل الحوار هو أحد عناصر الحكمة الرئيسية والأساسية التي نحتاج إليها لأجل تأصيل مفهوم الحوار العلمي المبني على الحقائق، وعندما يغيب المنطق ويغيب العقل فإننا نواجه احتمالات الانزلاق إلى مستنقع الحماقة، وإذا كانت الحماقة أحياناً يمكن تحملها في العلاقات الخاصة، فإنه لا يجوز فيما يتعلق بالمجتمعات والقضايا العامة، والأكيد أن من الحكمة دائماً إدارة الحوار بين الأطراف، وهذه أمور تحتاج إلى أن يكون هؤلاء المسؤولون في أماكنهم المتعددة بدرجة «حكيم».

الحكمة ليست ترفاً، وليست «زائدة» وجودها مثل عدمه، بل هي احتياج أصيل لدفع المجتمعات إلى الأمام وإنقاذها من السقوط في مجهول الحماقة، والعالم بعد كورونا في أزمة تحتاج إلى أساليب مغايرة لكل ما فات، سمتها الرئيسية «قيادة الحكماء».