الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

كورونا.. الانتشار السياسي

لم يعد كورونا وباء مرتبطاً بصحة البشر، فتطورات هذا المرض قفزت وبسرعة خلال الايام الماضية، لتدخل أبواب السياسة من أوسعها، ما جعل العالم يتفاجأ من تلك التصريحات الدولية، التي وصلت إلى درجة قد تحتمل قطع العلاقات بين الصين وأمريكا، ما يعني أن بقية دول العالم سوف تبحث بعمق تداعيات هذا التطور الشديد في محور كورونا السياسي.

ما يتم تداوله عبر الإعلام والسياسية بأن العالم سوف يتغير فيما بعد كورونا، لم يعد تحليلاً أو توقعاً، لأننا اليوم نشهد ذلك التغير وتحديداً على المستويات السياسية، ومن المؤكد أن عملية تنافس الأقطاب ليست بعيدة اليوم عن إعادة تشكيل الوضع الجيوسياسي، وفقاً لتطورات الموقف بين الصين وأمريكا.

إن المحافظة على التوازن الدولي عملية مهمة ولكنها لن تحدث قبل أن تتكشف الكثير من الحقائق حول الفيروس والبحث عما إذا كان هناك من خطأ بشري أو تقني أسهم في انتشار هذا الوباء وخروجه عن السيطرة، ما جعله ينتشر دولياً، ويقتل تلك الأرقام الهائلة من البشر.


الأسئلة الكبرى حول تطورات هذا الوباء أسهمت أيضاً في تطوره وانتشاره ليس صحياً فقط وإنما سياسياً، وهذا ما سوف يجعل العالم يدخل في دوامة السيناريوهات المحتملة إلى أن ترسو سفينة كورونا سياسياً.


ما يشهده العالم هذه الأيام هو جزء فعلي من تحولات كبرى حقيقية، وليست مناورة دبلوماسية مؤقتة، وبلا شك فإن الوسيلة التي اختارها العالم للتغيير لم تكن حرباً تقليدية، بل هي جزء من آثار مباشرة تحققت كنتيجة فعلية لانتشار الفيروس في العالم، حيث كل الدول تأكدت من كورونا وكل دول العالم فقدت مواطنين نتيجة هذا الوباء.

ما يحدث بين أمريكا والصين هو المشهد الوحيد في العالم، الذي سوف يفسر لنا حجم التطورات المحتملة والمقدار السياسي الذي سوف يستهلكه هذا الوباء لتغيير صورة العالم من جديد، وإذا كان العالم بدأ يستشعر هذه الأيام مرحلة التعافي وإعادة الحياة ولو بشكل جزئي إلى طبيعتها، فإن صورته السياسية بالكاد بدأت تأخذ وضعها على الساحة الإعلامية.

من المحتمل أن يصل العالم إلى علاج ولقاح لهذا الوباء خلال أشهر مقبلة، ولكن في تطورات السياسية الدولية قد يستغرق ذلك سنوات، كي يرسم العالم صورته من جديد بعد كورونا.