الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أمريكا والصين إلى أين؟

مخطئ من يعتقد أن التوتر الأمريكي ـ الصيني الحالي ناتج عن تداعيات فيروس كورونا واتهامات واشنطن لبكين بأنها أسهمت في انتشار الوباء، فما يجري حالياً ليس سوى عامل مسرع للتنافس الحاد على النفوذ الدولي.

الصراع المتواري خلف ستار كورونا، صراع متجذر بين قوتين ترى كل منهما في الأخر تهديداً لاستراتيجيته الدولية، وعنصراً منافساً لا يمكن تجاوزه بسهولة، لذا فإن واشنطن ترى في الظروف الحالية فرصة سانحة لرفع وتيرة الإجراءات المتخذة ضد بكين، والتي طالما نادى بها الرئيس الأمريكي منذ تسلمه رئاسة البيت الأبيض.

أمريكا والصين تتشابكان في النفوذ العسكري والاقتصادي، إذ إن بكين تعمل بشكل حثيث على تعزيز نفوذها العسكري في آسيا لمواجهة النفوذ الأمريكي وإضعافه بشكل قد يؤدي إلى خروج القوات والقواعد الأمريكية من آسيا، وهذا ما لن تقبل به واشنطن في هذه المنطقة الحيوية من العالم.


وعلى الجانب الاقتصادي، فقد أبدت دوائر صنع القرار في واشنطن تخوفها المتكرر من السيطرة الصينية على سلاسل الإمداد، فضلاً عن تغلغل الشركات الصينية في السوق الأمريكي وما ترتب على ذلك من امتلاك بكين لحجم ضخم من البيانات التي من الممكن استغلالها من الحكومة الصينية، ما يشكل تهديداً للأمن القومي الأمريكي.


الرئيس الأمريكي يحاول أن يستغل الفرصة لخفض التشابك بين اقتصاد البلدين إلى أقل مستوى، وقد بدأ فعلياً بذلك، إذ يدرس مسؤولون أمريكيون وضع مقترحات تنفيذية لدفع الشركات الأمريكية لنقل عملياتها التصنيعية من الصين، وهذه الخيرة تمكنت من فرض نفسها كقوة اقتصادية عسكرية عالمية، وهي تسير ضمن نطاقَين متوازيَين عبر زيادة نفوذها العسكري آسيوياً، وزيادة سيطرتها الاقتصادية على مناطق جغرافية واسعة، الأمر الذي ترى فيه واشنطن تهديداً فعلياً لقيادتها للنظام الدولي، لذا تعمل على تضخيم موضوع كورونا لزعزعة الثقة العالمية في بكين وفي الوقت ذاته، تقلل الاعتماد الصناعي عليها.. وبالمحصلة صراع النفوذ باقٍ، وكورونا ليس أكثر من عامل مسرع، لا يرتقي لتوقع صدام عسكري مباشر، إذ إن البلدين بحاجة إلى حد أدنى من التعاون لتعزيز الانتعاش الاقتصادي العالمي الذي يخدم اقتصاديهما، ورغم ذلك تبقى كافة التوقعات مفتوحة في حال حدث تطور أو خطأ استراتيجي يخلط الأوراق الدولية.