الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

حتميَّة التَّعايُش الوقائي

أمام التوقعات بأن فيروس كورونا لن يكون له لقاح قبل حلول 2021، فإنه سيصبح الاستمرار في الحجر الصحي للوقاية من تفشِّي الوباء غير ممكن تقريباً بعد 3 أشهر من فرضه.

فمن الناحية الاجتماعية، تكاد الناس تنفجر من الإغلاق عليها في البيوت، ويزداد الاحتقان بالنسبة للعائلات الكثيرة العدد والقليلة الإمكانات، وينطبق هذا على قاطني المدن وساكني العمارات، وخاصة الشقق ذات الثلاث غرف أو أقل أحياناً.

ومن حيث التوقعات، يتجه الاقتصاد العالمي نحو ركود عميق حسب تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد، وأن الخسارة العالمية توازي حجم اقتصادي ألمانيا واليابان، وسيكون الضرر أكبر بكثير من الأزمة المالية لعام 2008 بالنسبة للدول العربية، فسنة 2020 تعتبر بمثابة أسوأ سنة اقتصادية لها منذ عام 1978 عندما انكمش الاقتصاد بنسبة 4.7.

وعليه، ورغم أن حياة الناس أغلى من الربح المادي، ليس من الحكمة الإبقاء على الشركات والمؤسسات الاقتصادية مغلقة، وعجلة الاقتصاد جامدة، فتكلفتها الاقتصادية والاجتماعية ومن ثم السياسية بالغة الثمن، فالمؤسسات لا يمكنها الاستمرار في دفع الرواتب والعمل متوقف، ما يعني أن جيوشاً من الناس سيتجهون نحو البطالة الحتمية، وسيتحوّلون في كل بلدان العالم إلى جماعات ضغط سياسية، وربما جماعات إجراميَّة، لأن داء الجوع مكلف مثل الجهل تماماً، لكن نتائج الجهل قد تكون مؤجلة بينما للجوع انعكاسات فورية.

وهناك فئة أخرى من العمال مثل سائقي سيارات الأجرة والحلاقين وعمال البناء وغيرهم.. هؤلاء عاشوا خلال فترات الحجر الصحي على دعم الحكومات في بعض الدول، مثل الجزائر حيث استفاد نحو مليون شخص من مساعدات اجتماعية مكلفة بالنسبة للخزينة لكنها غير كافية بالنسبة للعائلات، ومع ذلك لكل شيء حدود، ومن الصعب الاستمرار في سياسة الدعم خاصة في ظل شحّ الموارد.

كما أنه لم يعد ممكناً أن تظل المدارس والمساجد مغلقة وربما حتى الشواطئ.. لذلك شرع كثير من الدول في الرفع التدريجي للحجر الصحي، وحتى لو شهدت تلك البلدان موجة ثانية أو ثالثة من الفيروس، فإنه من الصعب العودة للحجر.

والحل إذن، هو التعايش مع الفيروس، لكنه تعايش وقائي، أساسه الوعي الجمعي، بالحفاظ على كل إجراءات الوقاية كالتباعد الاجتماعي، والجغرافي، وارتداء الكمامات، وغسل اليدين، وتجنُّب المصافحة وغيرها من التدابير، في انتظار التوصل إلى لقاح فعال، نتمنَّى أن يكون ثمنه زهيداً.