الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

أفي داخلك.. «عنصري»؟

«لا أستطيع أن أتنفس.. أرجوك لا تقتلني»، هي العبارة الأخيرة التي لفظ من خلالها جورج فلويد أنفاسه، لينفث بها على نار لم تكن خامدة كما يخيل للبعض، فكانت الريح التي أشعلت فتيل الغضب الشعبي في أمريكا «غضب ضد العنصرية»، ولا يهم إن كانت خفية لا تدركها النفس أو ممنهجة كما لدى بعض الحكومات والأحزاب، فيكفي أنها بصورتها القبيحة تقوم على أساس تمييزي وإقصائي عكس نوازع الإنسانية المطلقة.

هذه الحادثة جعلتنا نتساءل ونقارن الحال بين دولة تدعي أنها أم الحرية والمساواة، والدول العربية التي كانت دوماً تحت محط أنظار منظمات حقوق الإنسان والعمالة وغيرها، التي تنبش في ملفاتها لتجد ثغرة هنا أو هناك، مبتعدة عن البؤرة الرئيسية للعنصرية والتمييز، وعن شوائب هذا الإحساس بالاختلاف عن الآخر وفق العرق أو اللون أو الجنس أو الدين، التي تعلق في أرواحنا وتندس خلف أحاديثنا الخاصة.

وربما قد جال في خاطري تساؤلٌ أشمل: هل نحن العرب بعيدين عن هذا الخطاب بلباس الورع والتقوى والمثالية الذي ندعيه؟ ماذا عن نوازعنا القبلية التي لا تزال تقف حائلاً بين زواج شاب بفتاة ليست من جماعته وقبيلته أو ذات بشرة سمراء والعكس؟ وماذا عن خطاب المناطقية بين أوساط الشباب؟ وماذا عن نكاتنا التي لا تخلو من التصنيف وأحاديثنا التي تضع خطاً فاصلاً بين البدو والحضر، البيض والسود والعنصرية ضد أقليات معينة وغيرها من النقاشات؟


إنه الخيط الرفيع بين الإنسانية واللاإنسانية.. حينما نلغي الآخر ووجوده على أساس تفضيلي.. على أساس مادي ولامادي، فلننظر إلى أنفسنا جيداً.. وسنجد حتماً أننا مع إشراقة كل شمس نمارس شكلاً من أشكال العنصرية بوعي أو بدون وعي!