الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

الجزائر وفرنسا.. سلاح النخوة

بمناسبة الذكرى الـ 75 لمجازر 8 مايو 1945 التي اقترفها المستعمر الفرنسي في حق الشعب الجزائري وخلفت أزيد من 45 ألف شهيد في يوم واحد، قرر الرئيس تبون اعتماد هذا اليوم يوماً وطنياً للذاكرة، وأكد قائلاً: «من حق الجزائريين أن يكون لهم يوم وطني للذاكرة، فلا مساومة على تاريخنا ونخوتنا الوطنية».

بعدها تم تنصيب لجنة على مستوى البرلمان لمتابعة مشروع قانون «لتجريم الاستعمار» الذي اقترح سنة 2006 كرد فعل على قانون فرنسي «لتمجيد الاستعمار» ثم عرض من جديد عام 2012 لكن لم يتم تمريره.. حدث هذا بعد أيام من بث قناتين فرنسيتين عموميتين برامج مسيئة للدولة والحراك والشعب، مما جعل وزارة الخارجية تستدعي السفير الجزائري في باريس للتشاور.

والحقيقة أن الإعلام الفرنسي تمادى في بثّ برامج واستضافة شخصيات لا علاقة لها بحقيقة الواقع في الجزائر، وتشكك في نزاهة رئاسيات ديسمبر 2019 التي فاز فيها الرئيس عبد المجيد تبون، بل اتهمت حتى الجيش الجزائري بتحويل المساعدات الصينية لمكافحة كورونا، وأعادت إثارة المسجد الأعظم الذي يعتبر أكبر مسجد بعد الحرمين، بسبب خسارة الشركات الفرنسية لمناقصة بنائه، وصرح حينها تبون الذي كان وزيراً للسكن ومشرفاً على عملية البناء: «إن فرنسا لا ترضى أن يقام مسجد في مكان اتَّخذته فرنسا الاستعمارية منطلقاً للتبشير المسيحي، أو بتحويل اسم المنطقة من لافيجيري ــ الكاردينال الذي أشرف على التمسيح ــ إلى اسم المحمدية نسبة للرسول محمد عليه الصلاة والسلام».

وكان المتتبعون يعتقدون أن صفحة عدم تهنئة الرئيس إيمانويل ماكرون بالطريقة البروتوكولية المعقولة قد طويت، فعندما فاز تبون علق ماكرون قائلاً: «أُحِطْنا علماً بفوز تبون» في الوقت الذي كان تبون يتلقى التهاني من روسيا وألمانيا وتركيا والسعودية وغيرها، ومعنى تصريح ماكرون، هو ما قاله وزير خارجيته جان إيف لودريان «إن تبون تم تعيينه ولم يتم انتخابه»، لكن بعد أيام اتصل ماكرون بتبون وقدم له التهاني.

وخلال الحراك الشعبي تم الكشف عن اجتماعات للمعارضة بالعاصمة الفرنسية باريس، للتأثير على مجرى الأحداث في الجزائر.

وهكذا جاء استدعاء السفير الجزائري من باريس للتشاور، في سياق يصفه الجزائريون بـ «عودة النوفمبريين» نسبة لثورة 1 نوفمبر المجيدة 1954، خاصة أن تبون قاد حملة انتخابية نوفمبرية وانتقد فرنسا خلالها.. فإلى أي حد تستطيع النخوة الوطنية تحدي الفكر الاستعماري الفرنسي، خاصة أن العلاقات الثنائية معقدة بوجود نحو 5 ملايين جزائري في فرنسا، منهم عدد كبير مزدوج الجنسية؟