الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

تصويب مُباَلغ فيه

تخيّل أن لديك مشكلة كبيرة مع نصفك الآخر في البيت، وأزمة أخرى متزامنة طاحنة في الوظيفة مع زملائك، وهناك مشروع شجار وشيك مع جارك واحتقان متراكم، ومع ذلك أيضاً كله هناك كراهية متبادلة وتاريخية بينك وبين ابن عمك.

وفجأة يظهر في نزاعك مع ابن عمك أبناء عمومة وأصدقاء مشتركون يدعمون ابن العم في نزاعه معك، ويتهمونك بالتجنّي عليه والإجماع على أنه مظلوم.. ستفكر مليّاً بذلك!، لكن أثناء تفكيرك، يقرر داعمو ابن عمك وهم الأكثر نشاطاً أن قضية ابن عمك لا بد أن يتم دمجها مع قضية نصفك الآخر، والتي ترى مع أقرانها في أزمتك القبليَّة فرصة لتمرير أزمتها والتي لا يعرف أحد من المخطئ فيها.

تباغتك المبادرة في جمع القضيتين، وأثناء اندهاشك، يقرر زملاء الشركة وبدعم من المدير نفسه أن خلافاتك المهنية جزء لا يتجزأ من مشكلتك مع نصفك الآخر، وامتداد لخلافك مع ابن عمك، وأثناء مجادلتك لهم بسخافة الحجة التي يطرحونها، يقرر جارك ان يدمج قضية خلافه التاريخي معك حول ارتدادات السور المشترك، والذي هو محل نظر في المحكمة، يجب أن يكون جزءاً من التحالف الواسع الذي يتشكل ضدك، خصوصاً أنك مخطئ ـ على ما يبدو ـ بحق ابن عمك في تلك القضية البعيدة في بواكير شبابكم، قبل أن تتزوج وتملك وظيفة وبيتاً.


يقرر هؤلاء جميعاً أن يتحالفوا في تيار واحد، ليصوبوا أوضاعك وأوضاع باقي من يشبهونك، وأنت مدرك أنك مخطئ بحق ابن العم، لكن نصفك الآخر وجارك وزملاءك بعيدون عن كل تفاصيل الخلاف التاريخي القديم، ولكل منهم قصة وأزمة مختلفة التفاصيل منفصلة عن سواها بكل عناصرها.


هل من منطق في كل هذا السرد العبثي؟.. بالطبع لا.

لكن هذا ما أقرأه بالضبط في قضية العنصرية العرقية في الولايات المتحدة (والعالم كله)، والتي هي قضية تعرض فيها الملونون من كل الأعراق لظلم الرجل الأبيض، الذي يرى في نفسه السيد الأوحد.

أقف مع تلك القضية بكامل إنسانيتي وقناعاتي، إلى أن أتفاجأ بأن وقوفي مع قضية العنصرية العرقية لا يمكن أن يصبح كاملاً بدون أن أساند «غصباً لا قناعة» قضايا المثليين، والمتحولين جنسياً بكل مطالبهم التي يعرضونها، وقضايا الإجهاض، وقضايا المرأة والفيمنست، وقضايا ثقب الأوزون.

لن يحلها في تلك الحالة إلا ابن العم نفسه بتحجيم الأزمة إلى أصولها بعيداً عن أي أزمات مختلفة ومتسلقة.