الجمعة - 26 أبريل 2024
الجمعة - 26 أبريل 2024

ترامب وقارعة جون بولتون

هل كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حاجة إلى صداع جديد في راسه، وهو على بعد 4 أشهر تقريباً من الانتخابات الرئاسية وحلمه الأكبر بأن يفوز بولاية ثانية؟

الشاهد أن ما جرى في الداخل الأمريكي خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة بنوع خاص، والذي تمثل في تفشي وباء كورونا، وارتفاع نسبة البطالة، وتوقعات الركود والكساد، وصولاً إلى الاضطرابات العرقية من جراء مقتل الشاب الأفروأمريكي جورج فلويد، قد اختصم ولو بشكل أولي من فرص نجاح الرئيس الأمريكي وإن بقيت حظوظه واردة في الفوز.

على أن أزمة كتاب جون بولتون الأخيرة، ربما توجه ضربة قوية ومؤثرة لساكن البيت الأبيض، وقد دخلت أمريكا في جدل مطول بين إمكانية السماح بنشر الكتاب من عدمه، رغم أن الناشر قد شحن آلاف النسخ للتوزيع بالفعل، وموعد الظهور بدايات الأسبوع القادم.

جون بولتون لمن لا يعرف هو أحد صقور الحزب الجمهوري، درس القانون في جامعة «ييل» الأمريكية العريقة وتمرس في العمل في وزارة العدل الأمريكية في زمن الرئيس الجمهوري رونالد ريغان، ولعب دوراً تقدمياً في صياغة رؤية القرن الأمريكي للمحافظين الجدد في نهاية تسعينات القرن الماضي، وهو العدو والضد للأمم المتحدة وصاحب الصيحة الشهيرة «لو أزيلت عشرة طوابق من المبنى الزجاجي فلن يتغير شيء»، في إشارة إلى عدم نفع المؤسسة.

من سفير لبلاده في الأمم المتحدة إلى مستشار للأمن القومي الأمريكي في عهد ترامب، غير أن المقام لم يطل به هناك، ولهذا ربما جاء الكتاب يحمل رغبة ما في الانتقام من الرئيس ترامب.

حكماً ستكون المعلومات التي يعترض عليها البيت الأبيض، ويرى أنها تمثل مساساً بالأمن القومي كارثية على الرئيس ترامب،ولن يتوانى الديمقراطيون في تسويقها للرأي العام الأمريكي، بل ربما يستوجب الأمر عودة ثانية إلى محاكمة ترامب إذا ثبتت صحتها، ومنها أن ساكن البيت الأبيض قد طلب مساعدة الرئيس الصيني «بنغ»، في الفوز بولاية رئاسية ثانية، وأنه طلب منه بناء معسكرات اعتقال للإيغوريين المسلمين باعتبارهم إرهابيين، رغم انتقاده العلني لطريقة اعتقالات الصين لهم، ما يعني أن الرئيس مزدوج الوجه والتصرف.

ضمن ما ذكره بولتون اعتبار ترامب أن غزو فنزويلا سيكون أمراً رائعاً، مع أن الحكومة الأمريكية تقول إنها لا تفضل استخدام القوة للإطاحة بالرئيس الفنزويلي الاشتراكي نيكولاس مادور.

ولعل الطامة الكبرى التي ستجعل من ترامب لوحة تنشين من قبل الصحفيين والإعلاميين ما نسبه بولتون لترامب في صفحات كتابه بشأنهم، وكيف أن ترامب سجنهم حتى يبوحوا بمصادرهم وينبغي إعدامهم.

هل سيتم نشر الكتاب أم لا؟

تبدو القضية جدلية بين بولتون الذي يرى أن المنع ضد التعديل الأول من الدستور الأمريكي الذي يصون حق التعبير وحرية الرأي، وبين ترامب وإدارته الذين يشعرون بفداحة توزيع الكتاب بما فيه من قصص تخفض سقف توقعات بقاء ترامب في البيت الأبيض لـ4 سنوات أخرى.

لكن على الجانب الآخر، لا يقف ترامب صامتاً فهو يتهم بولتون بأنه رجل له شهية على الحروب، وأنه لو تركه لأشعل معارك عدة بين أمريكا ودول شتى حول العالم، وأن الكتاب جاء كرغبة في الانتقام وليس أكثر.

يأتي كتاب بولتون في كل الأحوال ليعزز من حالة التشظي في الداخل الأمريكي، الأمر الذي يرسم علامات مزعجة حول مسارات الانتخابات الرئاسية الأمريكية إلى حين إشعار آخر.