السبت - 27 أبريل 2024
السبت - 27 أبريل 2024

تونس.. وكلفة حكم النهضة

صلة وثيقة تجمع بين الدعوات المختلفة للإنقاذ في تونس، وبين مسؤولية الإسلام السياسي عن احتدام الأزمة في البلاد، في الاقتصاد كما في السياسة.

المتابع للأحداث التونسية في الأسابيع الأخيرة، يلحظُ بيسر وجود أصوات مختلفة تشير أولاً إلى أن الأزمة السياسية والاقتصادية وصلت لأوجها، وتلمح ثانياً إلى ضرورة تلمّس سبل إنقاذ البلاد من المنحدر الذي تردت إليه، وتحمل مسؤولية الوضع ثالثاً إلى حكم الإسلام السياسي، وفي صدارته حركة النهضة.

الحراك الاحتجاجي الذي سُدّت أمامه سبل الوصول إلى ساحة باردو (حيث مقر مجلس النواب) تضافر مع مبادرة تقدمت بها شخصيات سياسية ثقيلة، وقدمت تشخيصاً دقيقاً لأزمة البلاد وتصوراً لسبل الخروج منها، وتزامن مع ما يسود البرلمان من خصومات سياسية بين الحزب الدستوري من ناحية والنهضة وتوابعها من ناحية ثانية، فضلاً عن الحركات الاحتجاجية التي تنتشر في الكثير من الجهات مطالبة بالتنمية والتشغيل.


كل هذه الأبعاد تتكامل لتشكل مشهداً قوامه الإجماع الشعبي والسياسي على الشعور بوطأة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والاتفاق على تحميل حركة النهضة مسؤولية ذلك تبعاً لأنها أثبتت أنها تنظر خارج الخارطة التونسية، سواء في تقديرها للوضع الداخلي، أو في تصورها للعلاقات الخارجية.


قد يبدو تحميل النهضة مسؤولية تردي الأوضاع في تونس من جنس البديهيات السياسية أو من قبيل التكرار السياسي، ولكن الوقائع الراهنة والاتفاق السياسي والشعبي على استحالة اتباع نفس الخطوات وانتظار نتائج مغايرة، تجعل كل الأنظار تتجه نحو الحركة التي تأبى الاعتراف بوجود أزمة توفر كل الأسباب المنطقية للاحتجاج والتظاهر.

ولعل الجديد الذي أكد وجود تماهٍ بين الشعور الجماعي بوطأة الأزمة وبين تحميل الإسلام السياسي مسؤولية الوضع، هو ما ورد في الإشارات المضمرة لرئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، الذي بدد كل إمكانية لتوسيع الائتلاف الحكومي مثلما تخطط النهضة بإشراك حزب قلب تونس، وهو بذلك يلتقي مع التوصيف السياسي العام الذي يتأكد، يوماً بعد يوم في البلاد، ومفاده ألا سبيل للخروج من الأزمة في تونس باستعمال وصفة حركة النهضة وأساليبها.

القول إن أزمة تونس نابعة في أغلب دواعيها من حركة النهضة، لا يحمل أي مبالغة أو تحامل، وهو قول التقت في تَبنّيهِ والصدح به القوى السياسية التونسية، فضلاً عن أصوات غاضبة داخل الحركة نفسها.

ولذلك فإن الحل يبدأ من تغيير النظام السياسي واستكمال بناء المؤسسات الدستورية وتوجيه الدبلوماسية التونسية وفق منطق وطني تونسي، وكل ذلك يعني بالضرورة إيقاف هيمنة النهضة على البلاد ومؤسساتها.